الآية ٥٥ من سورة الأنفال، وقال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) الآية ٣ من سورة الرعد في ج ٣، والله تعالى أكرم من أن يسلب نعمة من عبده وهو يشكرها، ولكن كفرانها مزيل لها، قال تعالى:(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) الآية ٧ من سورة ابراهيم في ج ٢،
«قالَ» تعالى حاكيا على لسان نوح عليه السّلام «وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» ١١٢ من الصناعات، أو أن إيمانهم عن غير نظر واستدلال، إنما أطلب منهم الإيمان الظاهري في الدنيا والله يتولى سرائرهم في الآخرة، يدلك على هذا قوله «إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ» ١١٣ إن الله سيحاسبهم على ما في ضمائرهم وعقائدهم لا على صنائعهم وظواهرهم ومكانتهم بينكم وضعة نسبهم فيكم، فلو علمتم هذا لما عيرتموهم بذلك «وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ» ١١٤ من أجل فقرهم وخسة صنعتهم وضعة نسبهم، أو لأن إيمانهم بقصد التعيش كما زعمتم «إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ» ١١٥ بالبرهان الصحيح والدليل القاطع أظهر لكم الحق من الباطل، فأقبل من يتبعني، وأدعوا لمن يعرض عني لأقيه من عذاب الله، لا لغرض ولا لعوض، أملا من الله أن يرشدكم للصواب ويهديكم لما به نجاتكم. وانظر بماذا أجابوه على نصحه هذا «قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ» عن دعوتك هذه «لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ» ١١٦ بالحجارة حتى تموت «قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ» ١١٧ فيما وعدتهم به من نزول العذاب بهم إن لم يؤمنوا بك وجحدوا رسالتي ووحدانيتك «فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً» أي احكم بيننا لأن فتح بمعنى حكم، والفتاح الحاكم لأنه يفتح مغلقات الأمور، كما يسمى فيصلا ففصله بين الخصمين «وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ١١٨ بك والمصدقين لرسالتي فأجابه الله تعالى بقوله «فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ» ١١٩ المملوء الموقر من أصناف الإنسان والحيوان والطير، قال تعالى:(قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) الآية ٤٠ من سورة هود في ج ٢ وتقدمت قصته مفصلة في تفسير الآية ٥٩ من سورة الأعراف المارة «ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ» ١٢٠ الذين لم يؤمنوا به بما فيهم زوجته واعلة وابنه كنعان «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً»