وقعت على وجهه فردها الرسول لمكانها فصارت أحسن ما كانت عليه، ثم انصرف الرسول من مكانه فأدركه أبي بن خلف الجمحي وهو يقول لا نجوت إن نجوت، فتناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه في عنقه، فسقط وخار خوار الثور يقول قتلني محمد، فقال له أصحابه لا بأس، فقال لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقتلتهم ومات بعد يوم. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على من قتله نبي في سبيل الله. اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه نبي الله. ولما صار الرسول يدعو الناس من على الصخرة عرفه كعب بن مالك فنادى بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول
الله، فأشار إليه أن اسكت، فانحدرت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم على الفرار، فقالوا فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا، قالوا قد قتلت فولينا مدبرين من الرعب، فنزلت هذه الآية والتي بعدها والآيات ٤٨/ ٤٩/ ٥٠ من سورة القلم في ج ١ كما أشرنا إليها فيها.
[مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:]
وفي هذه الساعة من يوم الثلاثاء ١٤ صفر سنة ١٣٥٨ جاء إليّ قائد الدرك السيد محمد أمين العاشق الحديدي من أهالي دير الزور نعى إلي بمزيد الأسف وفاة ملك العراق المحبوب الشريف غازي الأول بسبب اصطدام سيارته بعامود الكهرباء في بغداد، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته وجبر مصاب أهل البيت والمسلمين أجمع بفقده، وعوضهم خيرا منه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون، فتركت القلم إلى العزاء بهذا المصاب الأليم وبصفتي وكيلا للقائمقام بقضاء القنيطرة علاوة على وظيفة القضاء أمرت بتنكيس الأعلام الرسمية وقعدت لأتقبل التعزية، وهكذا لمدة ثلاثة أيام، ثم عدت بعد انتهاء العزاء إلى ما أنا فيه جعلها الله خاتمة المصائب إلى إكمال هذا الحزن الذي فيه من أسى ما وقع لجده في حادثة أحد التي تكبد فيها حضرة الرسول ما تكبد من مشاق بسبب مخالفة أصحابه أوامره، ولكن ما قدره الله أزلا فهو كائن لا محالة.