آزر على وزن آدم أو يازر لقبا له أو اسما آخر، وما قيل إنه اسم عمه يأباه لفظ التنزيل لأن الله تعالى ذكر الأب أبا والعم عمّا فمن أين لنا أن نقول عمه بعد أن يقول الله تعالى أباه، ونصب أباه هنا على تضمين القول معنى الذكر لانه لا ينصب إلا الجمل «وَقَوْمِهِ» قوم آزر أبيه وهو اسمه الحقيقي المصرح به في الآية ٧٥ من سورة الانعام في ج ٢، وما قيل إنه مجاز عن عمه لا عبرة به، لان الحقيقة إذا صحت لا يجنح عنها إلى المجاز «ما تَعْبُدُونَ» ٧٠ أي شيء تعبدونه مع علمه عليه السّلام أنهم يعبدون الأصنام، ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة «قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ» ٧١ مكبين عليها ليل نهار، ومن خص العبادة بالنهار دون الليل استدل بلفظ فظل لأنها مأخوذة من الظل، وهو لا يكون إلا نهارا، راجع ان ظل هنا معناها الدوام والبقاء ولا مخصص لها في النهار، وكان يكفي لجوابهم الاختصار على (أَصْناماً) وإنما أطنبوا افتخارا وابتهاجا بها ورغبة ومناوأة لقوله (ما) الدالة على ما لا يعقل فكان جوابهم على خلاف السؤال على حد قوله: (وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) الآية ١٢٠ من البقرة في ج ٣، وقوله تعالى (ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ) الآية ٢٤ من سورة سبأ ج ٢، وقوله (ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) الآية ٣٠ من النحل في ج ٢، ومثله كثير في القرآن، فهم زادوا نعبد مع أنهم لم يسألوا عن العبادة بل سئلوا عن المعبود، وزادوا جملة فنظل إلخ بقصد المباهاة
«قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ» ٧٢ هذه الأصنام فيجيبوا دعاءكم «أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ» بزيادة الرزق والولد إن عبدتموهم «أَوْ يَضُرُّونَ» ٧٣ كم إن تركتم عبادتهم «قالُوا» وقد لزمتهم الحجة فاعترفوا بأنها لا تنفع ولا تضر «بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ» مثل هذا «يَفْعَلُونَ» ٧٤ وقد قلدناهم واقتدينا بهم، مع علمنا بعدم إنصافهم بذلك.
[مطلب إيمان المقلد والفرق بين الوثن والصنم:]
وفي هذه الآية إشارة إلى أن التقليد في الدين مذموم، إذ يجب الأخذ بالاستدلال إذا كان من أهله، وإلا فيكفيه أن يقلّد من يعتقد بصحة دينه، ويكون آثما