٢٨ ويكذبون رسلنا الذين جاءوهم بها ويسخرون بهم «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» بعد قذفهم بالنار وعدم النظر إلى طلباتهم الواهية «رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا» في الدنيا عن الدين القويم وأوقعانا في هذا العذاب الأليم «مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا» في هذه النار انتقاما منهم «لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ» ٢٩ فيها فيتالا عذابا أكبر من عذابنا، لأنهما هما اللذان أوقعانا فيه، فلا يلتفت إلى قولهم لأن أولئك لهم مكان خاص في النار أيضا مع أمثالهم.
[مطلب ما للمؤمنين المستقيمين عند الله ومراتب الدعوة إلى الله ودفع الشر بالحسنة:]
قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا» بأفعالهم وأقوالهم على إيمانهم «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ» بالرحمة من الله عند الموت وفي القبر وزمن البعث تؤنسهم وتقول لهم «أَلَّا تَخافُوا» من هذه الأهوال التي ترونها في المواقع الثلاثة «وَلا تَحْزَنُوا» على ما فاتكم من الدنيا فإن الله تعالى أبدلكم خيرا منها وآمنكم من كل هم وغم وعناء، والحزن غم يلحق الإنسان من توقع مكروه أو خوف فوات محبوب أو حصول ضار، «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» ٣٠ بها على لسان رسلكم في الدنيا والآن
«نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ»
وأنصاركم ومتولوا أمركم كما كنا لكم «فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ»
اليوم «فِي الْآخِرَةِ»
كذلك لا نقارقكم أبدا حتى تدخلوا مقركم في الجنة «وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ»
من أكل وشرب ولبس وظلال وترف وصحبة ونساء وغيرها «وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ»
٣١ تطلبون وتتمنون من كل ما يخطر ببالكم وهذا أعم من الأول «نُزُلًا» هذا الذي ذكر كله بمقام ما يقدم للضيف أول نزوله من شراب وقهوة، فما بالك بما يقدم له بعد، وناهيك برب المنزل «نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ» ٣٢ بالنازلين كثير المغفرة لما وقع منهم كيف وهو أكرم الأكرمين ممطر الألطاف والكرامة على عصاته، فكيف بأضيافه ومطيعيه «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ» أيا كان من عباده المخلصين وأمر بطاعته ونهى عن معصيته، وهذا عام في كل مؤمن يدعو الناس عامة طائعهم وعاصيهم برّهم وفاجرهم إلى عبادة الله ويدخل فيه الأنبياء بالدرجة