التقريعي بقوله عز قوله «أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ» أي أترون أن أدبار الرجال أشهى لكم من فروج النساء لا ليس الأمر كذلك
«بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ٨١» متجاوزون الحلال إلى الحرام ولذلك آثرتم الدبر على الفرج، وإنما ذمهم الله لأن القصد من وضع الشهوة في الإنسان طلب الولد وبقاء النوع الإنساني وتكاثره لعمران الدنيا إلى أجل أراده الله، فإذا عدل عن هذا القصد تعطل الكون وكانت تلك الشهوة بهيميّة محضة، ولهذا خصهم الله بالإسراف لأنه وضع الشيء بغير محله «وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ» تجاه تعنيفه لهم على قبح فعلهم ونصحه لهم بتركه «إِلَّا أَنْ قالُوا» بعضهم لبعض «أَخْرِجُوهُمْ» أي لوطا ومن آمن به «مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ ٨٢» من صنيعكم ويتنزهون مما أنتم عليه. قال ابن عباس عابوهم بما يمدح به قال تعالى «فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ» لأنها لم تؤمن به وكانت تخبر قومها بمن يأتيه من الضيفان وتحرضهم عليهم لذلك «كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ٨٣» الباقين مع المعذبين من قومها ولم يقل من الغابرات، لأنها هلكت مع الرجال المغلّب ذكرهم على النساء، والغبر البقاء يقال غبر في داره إذا بقي «وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً» عظيما مهولا لأنه مطر عذاب لا مطر رحمة، والننوين يدل على شدة فظاعته، وقلّ أن يأتي المطر بمعنى الغيث بل قد لا يوجد في القرآن إلا بمعنى العذاب، وأمطر بمعنى أرسل، ومطر بمعنى أصاب، فيكون مطر الرحمة وأمطر للعذاب «فَانْظُرْ» أيها العاقل المفكر «كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ٨٤» فهي شيء عظيم لا تتصوره العقول، هذا ما قصه الله علينا من خبر لوط عليه السلام مع قومه.
مطلب قصة قوم لوط عليه السلام:
وقال الأخباريون كانت المؤتفكة خمس مدائن بين الشام والمدينة مخصبة ذات زروع وثمار، فآذاهم الناس بالأخذ منها فعرض لهم إبليس وقال لهم إذا فعلتم بهم كذا (ودعاهم إلى نفسه فلاطوا به علّمهم لعنه الله هذه الفعلة الخبيثة ابتداعا من حيث لم تخطر ببالهم، فهو أول من ليط به لأنه كان يظهر لهم على صورة البشر)