للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمينا وشمالا، فوجدوه عند السيارة، وتحدثوا بينهم عما يقولون، فاتفقوا على أن قالوا هذا عبدنا أبق ونظروا إليه وهددوه بالقتل إن هو كذبهم، فاعترف لهم بذلك خوفا منهم لما ذاق من ضرهم، لا سيما وقد أشار إليه يهوذا بذلك وهو أرقهم عليه وأرأفهم به، إذ لم ير العطف إلا منه، وهو الذي خلصه من الذبح من يد روبيل، وإذ ظهر للسيارة أنه عبد لهم بسكوته على قول إخوته وسكوته قبلا على قول الذي أخرجه من البئر طلبوا بيعه منهم، فاتفقوا على ذلك.

[مطلب جرائم إخوة يوسف وفائدة العفو وصلاح الوالدين وعظيم فضل الله تعالى:]

قال تعالى «وَشَرَوْهُ» منهم «بِثَمَنٍ بَخْسٍ» ناقص عن قيمة أمثاله فيما لو فرض أنه عبد أو مبخوس حرام، لأنه حر لا يجوز بيعه «دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ» إشارة إلى قلتها، قالوا هي ثلاثون درهما، لأنهم كانوا يعدون ما دون الأربعين، والأربعون أوقية فيزنونها وزنا، وفي هذا المبلغ عينه دلّ يهوذا الأسخريوطي اليهود على عيسى ليغتالوه، فألقى شبهه عليه، رفداه الله به، فقتل ورفع عيسى إلى السماء كما ستوضحه في الآية ٥٨ من النساء في ج ٣، «وَكانُوا فِيهِ» أي تساهل أخوة يوسف في أمره حتى جعلوه عبدا وباعوه بقيمة بخسة بما يدل على أنهم «مِنَ الزَّاهِدِينَ ٢٠» فيه الراغبين عنه لبقاء حنقهم عليه، قالوا وبعد أن قبضوا ثمنه من السيارة قالوا لهم استوثقوا منه لئلا يهرب منكم كما أبق منا، قالوا وسبب بيعه لهم لأنهم لم يقدروا على أخذه من السيارة لكثرتهم، ولم يقدروا على قتله بعد أن صار بأيديهم، وتأسوا بقولهم قد حصل ما كنا نريده من تغريبه والذين أخذوه من أهل مصر، وهي بعيدة عنا فيكون فيها بحكم المعدوم لعدم إمكان وصول خبره إلى أبيه، فتركوه وذهبوا ولما وصلوا إلى مصر باعوه إلى العزيز خازن ملكها الريان بن الوليد بن يزوان من العماليق بعشرين دينارا وزوج نعل وثوبين، هذا ولم يوقع الله في قلوب أخوته أن بيعه للسيارة قد يفضي إلى مجيئه أو إعلام أبيه به، ولم يوقع في قلوبهم أن ردوه إلى أبيهم واعتذروا له وأزاحوا عن قلبه الغم والهم الذي حل فيه من أجله

<<  <  ج: ص:  >  >>