مواتية غير ممتنعة وقوة وقهر وغلب، يقال لكل من أعطى شيئا كرها عن غير طيب نفس أعطى عن يد «وَهُمْ صاغِرُونَ»(٢٩) أذلاء مهانون.
الحكم الشّرعي: تؤخذ الجزية من أهل الكتاب عامة ومن مشركي العجم، أما العرب المشركون فالإيمان أو السّيف، إذ لا تقبل منهم الجزية إذا أرادوا البقاء على كفرهم، وتؤخذ من المجوس، أخرج مالك عن جعد بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرّحمن ابن عوف أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب.
[مطلب أسباب ضرب الجزية على أهل الكتاب وما هي، ومعاملتهم بالحسنى وبيان مثالبهم التي يفعلونها ويأمرون بها:]
ومن قال إنها لا تؤخذ من أهل الكتاب العرب فقوله رد عليه. وبما رواه أنس أن النّبي صلّى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر رومة، فأخذه فأتوا به فحقن دمه وصالحه على الجزية، أخرجه أبو داود، وهو رجل من العرب من غسان وأقل الجزية من كلّ حالم أي محتلم عاقل دينار في كلّ سنة أخرجه أبو داود. وعن معاذ بن جبل عن رسول الله لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله من المعاقربة (ثياب تكون في اليمن) وأكثرها على الغني أربعة دنانير وعلى المتوسط اثنان، والفقير واحد فقط، وأخرج مالك في الموطأ عن أسلم أن عمر ضرب على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهما، ومع ذلك شرط عليهم أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيّام لمن يؤمهم أو يمرّ بهم في غزوة أو تجارة أو زيارة أو غيرها، راجع الآية ٦٩ من سورة الحج المارة والآية ٦٤ من سورة المائدة أيضا. وليس القصد من أخذ الجزية إقرارهم على دينهم بل حقن دمائهم وإمانة لهم لعلهم يرغبون في الحريّه الكاملة فيؤمنون، وعليه فيجب على المسلمين كافة أن يعاملوهم معاملة حسنة ويحفظوا مالهم وعرضهم وذراريهم وخدمهم وأن يروهم كلّ ما يأمر به الإسلام من محاسن الأخلاق وعلو الآداب واللّين والعطف