للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينزهونه عما يقول الظالمون مما لا يليق بكبريائه من البهت والافتراء «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ» من المؤمنين الذين يبرثون الحضرة الإلهية مما عزي إليها فانتبهوا أيها الناس لتقديس الملائكة وقدسوا ذلك الإله القوي البرهان، ولأجل أن تنتبهوا لذلك جاء جل جلاله بأداة التنبيه، فقال عز قوله «أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ» لمن يرجع إليه تائبا منيبا «الرَّحِيمُ» ٥ بعباده كلهم ومن رحمته يريد لهم الخير ومن عميم إحسانه شاء أن يبدل سيئات من يخلص إليه التوبة حسنات بعظيم فضله وكبير كرمه وجليل رأفته راجع الآية ٧٠ من سورة الفرقان في ج ١، قال تعالى «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ» لينصروهم ويشفعوا لهم جهلا وعنادا اتركهم الآن يا حبيبي ما عليك منهم «اللَّهُ» ربك ومالك أمرك وأمرهم «حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ» رقيب على أحوالهم محيط بهم وهو الذي يجازيهم على ذلك إذا بقوا مصرّين «وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» ٦ تدافع عنهم وتجهد نفسك لأجلهم لأن أمرهم غير مفوض إليك وإنما أنت منذر لهم فقط وإن قولهم هذا ليس بضائرنا، ولله در القائل في هذا المعنى:

ما حطك الواشون عن رتبة ... عندي ولا ضرك مغتاب

كأنهم اثنوا ولم يعلموا ... عليك عندي بالذي عابوا

«وَكَذلِكَ» مثل ما أوحينا إلى غيرك من الأنبياء ما أنزلناه عليهم من الكتب والصحف والتكلم بلسانهم ولسان أقوامهم لينذروهم بلغاتهم «أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا» بلغتك ولغة قومك «لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى» مكة أي أهلها من إطلاق المحل وإرادة الحال فيه بلغتهم دون حاجة إلى ترجمة، لأن الأنبياء يترجمون الموحى المنزل إليهم بلغة قومهم ليفهموه وأنت لم يحجك ربك إلى الترجمة.

[مطلب تسمية مكة أم القرى وقوله ليس كمثله شيء وإقامة الدين وعدم التفرقة فيه ومقاليد السموات:]

وإنما سميت مكة أمّا لأن الأرض دحيت من تحتها أو لأنها من أشرف البقاع «وَمَنْ حَوْلَها» من البلاد بما يعم منتهى أطرافها الأربع لغاية الشرق والغرب ونهاية الجنوب والشمال، لأن رسالته عامة لجميع أهل الأرض، فلا تقيد هذه الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>