دنياء مما أوتي قارون وآله من الزخرفة، فاصبروا على ما أنتم عليه فالصبر فضيلة عظيمة عند الله «وَلا يُلَقَّاها» أي خصلة الصبر المترتب عليها ثواب الله «إِلَّا الصَّابِرُونَ» ٨٠ صبرا حقيقيا لا لسمعة أو رياء بل صبر محض مبرأ من جميع شهوات الدنيا الخسيسة، فهم الراضون بما قسم الله لهم في هذه الدنيا الزائلة من القليل المتيقنون أن ثواب الله خير. وانظر إلى فعل الله بمن يشاركه في كبريائه ولا يسمع قول أوليائه
قال تعالى «فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ» التي فيها خزائنه «الْأَرْضَ» فابتلعتها معه لأنه لم يسند نعمه إلى منعمها، لذلك لم يمتعه بها إلا قليلا وسيرى وبالها غدا لأنه ظن أن علمه أهله لها فلينجه علمه من هذا الخسف، والخسف الذهاب في الأرض، يقال خسف المكان أي ذهب في الأرض، وخسف القمر زال ضوء. وعين خاسفة إذا عدمت حدقتها قال تعالى «فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ» لا من كان يمشي خلفه ولا غيرهم من جماعته يقدر على حفظها من الخسف الذي حل به أو يحول دونه «وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ» ٨١ لنفسه فيخلصها، ولم يكن له عمل صالح فيكون سببا لإنقاذه، ثم ذكر حال وشأن الفريقين المذكورين أعلاء فقال عز قوله «وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ» اليوم الكائن قبل يومك أي قبل الخسف الذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إلخ، يقولون «وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ» يضيق ويوسع على من يشاء، وكلمة وي يقولها النادم على الخطأ الذي وقع منه إظهارا لندمه واعلاما بذلك الخطأ على طريق التعجب «لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا» بما تمنيناه من حالة قارون كما خسف به «وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ» ٨٢ بنعم الله ولا ينجون من عذابه، قالوا هذا مظهرين الندم على ما فرط منهم من التمني.
مطلب كلمة ويكأن وقصة قارون:
هذا وقد كتبت وي هنا متصلة بكأن لكثرة الاستعمال وإلا فهي كلمتان وي للتعجب وكأن للتشبيه، والقياس أن تكتب منفصلة بعضها عن بعض لجواز الوقف عليها، وقد كتبت على القياس في قول زيد بن عمرو بن نفيل: