للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عجز أن يكون مثل أحد غواته يزيد حيث قال:

قال خلفته لو مات من ظمأ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد

هذا ومن وقف على معنى قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ، الآية ١١٣ من سورة الأنعام الآتية، وقف يراعه عن البحث ولسانه عن الكلام وقلبه عن التخطر، راجع الآيتين ١٢- ١٨ من سورة يونس المارة والآية ١٠٨ من سورة هود والآية ١٠٠ من سورة يوسف المارات والآية ١٢ من هذه السورة وما ترشدك إليه في هذا البحث تجد ما يكفيك، علما بأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى لمن قدر شقاءه في الأزل، وما إبليس وغيره إلا أسباب ظاهرة جعلها الله تعالى، فأعتقد بهذا أيها المؤمن لا تحد عنه. ثم استثنى الملعون من هو عاجز عن إغوائه لسابق سعادته في علم الله فقال «إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٤٠» بفتح اللام وكسرها وتقدم معناها في الآية ٢٦ من سورة يوسف المارة ولها صلة في الآية ٤ من سورة الصافات وفي غيرهما.

[مطلب عهد الله لأوليائه ودرجات الجنة ودركات النار وإرضاء الله أصحاب الحقوق بالعفو والعطاء الواسع وعزل خالد:]

«قال» تعالى قاطعا أمله منهم «هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ٤١» حق علىّ مراعاته «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» فلا تصل إليهم قوتك ولا تنالهم وسوستك ولا يقدر عليهم إغواءك ولا يميلون إلى تزينك، لأن الخبيث عارف عدم تأثيره في المخلصين الذي أخلصوا لله واستخلصهم لنفسه، ولكنه توهم أن له سبيلا على غيرهم من عباده العارفين وأوليائه الكاملين، فبين له جل شأنه أن ليس له سبيل على عباده أيضا الذين هم من هذا الصنف غير الأنبياء وفي هذا العهد الجليل من الرب الجليل بشارة عظيمة لعباد الله الذين يعبدونه عبادة حقيقة خالصة لوجهه، أما من يعبده سمعة ورباء وجهلا أو لطلب حاجة أو دفع مضرة فقد استثناهم الله تعالى من هذا العهد بقوله عز قوله «إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ٤٢» المنهمكين في الغواية اختيارا منهم المنقادين لإضلالك بطوعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>