ورضاهم، فلك عليهم سلطان لأنهم أتباعك الآن وأحباؤك، ولكنك ستتبرأ منهم في الآخرة وتوبخهم على اتباعك راجع الآية ٢٢ من سورة إبراهيم الآتية. قال تعالى «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ٤٣» التابعين والمتبوعين من الناس وإبليس وجنوده ثم وصف جهنّم بأنها «لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ» واحد تحت الآخر لأنها دركات كما أن أبواب الجنة الواحد فوق الآخر لأنها درجات «لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ٤٤» أي لكل دركة قوم أسفلها للمنافقين لقوله تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، الآية ١٤٥ من النساء في ج ٣ والتي فوقها للمشركين مع الله إلها آخر والتي فوقها للمجوس عابدي النار، والتي فوقها للصابئين لأنهم منهم، والتي فوقها لكفرة اليهود، والتي فوقها لكفرة النصارى والسابعة لعصاة الأمة المحمدية وهي الطبقة الأولى أجارنا الله منها، وبين كل طبقة ما لا يعلمه إلا الله، وكذلك ما بين درجات الجنة. ثم بين الله تعالى للمتقين عنده المؤمنين به، فقال (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الشرك والنفاق وعبادة الأوثان المتباعدين عن الكفر والمعاصي يكونون في الآخرة الباقية دائمة النعيم «فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٤٥» ماء عذبة غير أنهار الجنة، لأن الله يتفضّل عليهم بأشياء خاصة، لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي مقابلة الفرد بالفرد وأن ذلك يكون لهم بحسب مراتبهم، ويقال لهم يوم الجزاء «ادْخُلُوها» أي الجنان المذكورة «بِسَلامٍ» من الآفات والمنغصات مسلمين بعضكم على بعض، والملائكة تسلم عليكم أيضا «آمِنِينَ ٤٦» من الخروج منها ومن كل منغص أو مكدر للصفاء، لأنها دائمة لا موت فيها ولا فناء لها. ثم وصف الله طهارتهم بقوله «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» كان بينهم في الدنيا وما هو بمعناه من حقد وحسد من أثر عداوة أو شحناء أو تطاول، فتنقي قلوبهم من كل ما يؤدي إلى البغضاء قبل دخول الجنة، لأن الله تعالى يحاسبهم عليها ويسترضي بعضهم مع بعض بعطائه الواسع وفضله العميم حتى تطيب أنفسهم، بعضهم على بعض فيكونون بالجنّة «إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ٤٨» بوجوههم ينظر بعضهم إلى بعض، لان النظر إلى القفا أو إلى الجانب ممن يخاطب جفاء واستهتارا به، وهم هنا منزهون عنها مطهرة قلوبهم من التحاسد على