وهي أيضا من جملة ما هو مدوّن في هذا اللوح الجليل لم يرد فيها ما يفيد القطع عن ماهيته وكميته وكيفيّته غير وصفه بهذا الاسم، لذلك ينبغي الإمساك عنه وان نكل علمه الى الله كالآيات المتشابهات، وغاية ما قيل فيه عند المسلمين انه جسم، ولا يخفى أن كل جسم متناهي الأبعاد كما تشهد به الأدلة، وان ما كان وسيكون الى يوم القيامة متناه كما تشهد به الآثار، والمطلق منها محمول على المقيد هذا وقد فسر بعض العلماء الامام بعلم الله الأزلي كما فسر أمّ الكتاب في قوله تعالى «وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» الآية ٣٩ من سورة الرعد قوله «هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ» الآية ٧ من سورة آل عمران ج ٣ والآية الرابعة من سورة الزخرف في ج ٢ فيكون بمعنى كل شىء على العموم بحيث يشمل ما في الدنيا وما في الآخرة وأحوال الجنة وما يتجدد فيها لأهلها دون انقطاع ولا تناه وكذلك النار قال صاحب أبدال الامالي:
ولا يفنى الجحيم ولا الجنان ... ولا أهلوهما أهل انتقال
وكذلك أحوال النار وأهلها وجميع ما يقع في الدنيا من التجدد على نحو ما يحكى من بيان الحوادث الكونية في الجفر الجامع على طراز أعلى وأشرف، ولهذا قال غير واحد إن القرآن الكريم يشتمل على كل شيء في الدنيا حتى على أسماء الملوك ومدد ملكهم وأسباب انقراضهم، ويشتمل على ما في الآخرة أيضا.
[مطلب قصة رسل عيسى عليه السلام:]
قال تعالى «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا» أي صف لهم يا محمد «أَصْحابَ الْقَرْيَةِ» جزم أكثر المفسرين بأنها انطاكية أي كيف كان أهلها «إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ» ١٣ من قبل عيسى عليه السلام ليدعوهم إلى ترك الأوثان وعبادة الرحمن والإخلاص في توحيد الملك الديان، فاذكر لقومك يا سيد الرسل قصتهم «إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ» ردأ لعيسى وعضدا لانهاض دعوته وتقوية لبعثها في النفوس رجلين «اثْنَيْنِ» من حوارييّه. هذا إذا كان المرسل هو الله عز وجل، أو أن عيسى عليه السلام أرسلهما بأمر الله تعالى كأنه كان هو المرسل، لانّ