شقّ الهواجر لحمهن مع السرى ... حتى ذهبن كلاكلا وصدورا
الكلكل ما بين الترقوتين أو باطن الزور وهو من المحزم إلى ما يمس الأرض من الحيوان إذا ربض أو من الصدر، وعليه يكون العطف بيان والهواجر جمع هجر وهو نصف النهار عند الزوال. والمعنى أن مشي الإبل في ذلك الوقت لم يبق منها إلا كلاكلها وصدورها، وهذا ما ذهب إليه سيبويه في البيت، وقال المبرد إن الكلاكل والصدور تمييز محول عن الفاعل، أي حتى ذهب كلاكلها وصدورها وعليه قوله:
فعلى إثرهم تساقط نفسي ... حسرات وذكرهم لي مقام
ولكل وجهته، وقال تعالى «إِنَّ اللَّهَ» الذي خلقهم أزلا «عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ» ٨ قبل أن يصنعوه وعليم بما يصنعونه بعد وما هم صائرون إليه، وإنما أظهر صنعهم لخالقه ليعرفوه. وهذا آخر ما نزل في أبي جهل وإخوانه في هذه السورة. وقال الضحاك إن القسم الأخير منها نزل في عمر رضي الله عنه فهو الذي هداه الله والحق العموم فيهما وفيمن هو على شاكلتها إلى يوم القيمة، ثم ذكر شيئا من كمال قدرته فقال:
مطلب الفرق بين ميّت وميت وأن العزة من الله:
«وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ» بالتشديد وقريء بالتخفيف وهما بمعنى واحد على المشهور. وقد خصص بعضهم المخفف بالميت حقيقة والمنقل والمائت بالذي لم يمت بعد، الذي على وشك الموت أي يكاد يموت، واستدل بقول القائل:
ومن يك ذا روح فذلك ميّت ... وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
وقول الآخر:
ليس من مات فاستراح بميّت ... إنما الميّت ميّت الأحياء
إنما الميّت من يعيش كئيبا ... كاسفا باله قليل الرجاء