والمعوّل على الأول. والإثارة خاصة بالرياح «فَأَحْيَيْنا بِهِ» أي الغيث الناشئ عن السحاب المثار، وعبر عن الميّت بقوله «الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» بالنبات الناشئ عن هطول الغيث عليها «كَذلِكَ» مثل هذا الإحياء للأرض يكون «النُّشُورُ» ٩ للأموات من البشر حين يقومون من قبورهم فكيف يجحدون البعث بعد أن شاهدوا ما هو من نوعه؟ روى ابن الجوزي عن أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟ قال هل مررت بواد أهلك محلا، ثم مررت به يهتزّ خضرا؟ قلت نعم قال كذلك يحيي الله الموتى وتلك آيته في خلقه. قال تعالى «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ» فليطلبها من الله لا من غيره «فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» فليعتزّ بطاعته من يربدها وليمتنع بمنعته لا بالأصنام التي يبتغي الكافرون الشرف بها، لأن الآية نزلت فيهم قال تعالى:(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) الآية ٩١ من سورة مريم الآتية وقال في حق قليلي الإيمان (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) الآية ١٣٨ من سورة النساء في ج ٣ ولا ينافي هذا التأكيد قوله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) الآية ٩ من سورة المنافقين في ج ٣ لأنها لله بالذات ولرسوله بواسطة قربه منه وللمؤمنين بواسطة قربهم من حضرة الرسول واتباعهم سنّته، ولهذه الإشارة (أعيد الجار وكرر) جاء في مجمع البيان أن أنسا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عزّ الدارين فليطع العزيز، ومن قدر فليطلبها من الله تعالى، فإن الطلب منه إنما يكون بالطاعة والانقياد. وقد تكون بالشجاعة والكرم والعلم، فهذه الثلاثة هي مصدر العزة، إلا أنه إذا لم يقصدها بتقوى الله فلا خير فيها، إذ تكون عزّة دنيوية موقتة مصيرها إلى الذلّ الدائم في الآخرة إذا لم تنزع منه في الدنيا. وجدير بأن ينزعها الله منه، فاذا نزعت يجتمع عليه ذلان، ولهذا قال تعالى قوله «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ» بجمع أنواعه صعودا حقيقا سرا كان أو جهرا قولا أو فعلا، لأن له جل شأنه تجسيد المعاني وكيفية صعوده من