وقيل: لا ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله
فأنزل الله هذه الآية. وعنه أيضا: قالوا ليأتنا محمد بآية تدل على ما يدعيه، فأنزل الله تعالى «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ» من ركوب وحمل وبلوغ بلد بعيد أو محل نزهة «وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» بالنبات لحاجة الإنسان والحيوان والطير والحوت «وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ» لمنافع الخلق أيضا من ركوب وحمل ورزق ومنها ما هو رزق لبعضها لأن الحيوان والحيتان والطير منها يأكل بعضه بعضا، ومنها ما يأكل جنسه بحسب التغلب، قال في المعنى:
ظلم القوي للضعيف جاري ... في الأرض والهواء والبحار
«وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ» في مهابها يمينا وشمالا وشرقا وغربا وجنوبا قبولا ودبورا، ونكباء وهي التي لا يعرف مهبها، وما فيها من المنافع لأناس ومضارّ لآخرين «وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ» للنزول على من يشاء من عباده للشرب والسقي «لَآياتٍ» عظيمات كافية عن كل آية «لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤» أن جميع ذلك جعله الله للنفع والاعتبار فيستدلون بها على الخالق القادر المدبر لها ويتفكرون في تكوينها وتقلباتها ويقفون على عجائبها وغرائبها وبدائع صنعها وإتقان تكوينها، وأن كلا منها بقدر ومحور خاص لا يتغير ولا يتبدل ولا ينضب، وأن كلا منها دال على الفاعل المختار ومنوه على وجوب التفكر والتذكر بآلاء الله وعظمته ورأفته بعباده.
[مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية ١٦٤ من هذه السورة:]
واعلم أن في هذه الآية عشرة أنواع من البراهين النيرة القاطعة الدالة على الإلهية والوحدانية: النوع الأول آية السماء وهو سمكها وإتقانها وارتفاعها بغير عمد أو بعمد لا ترى لقوله تعالى (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) الآية ١٠ من سورة لقمان ج ٢، ومثلها في الآية الثانية من سورة الرعد الآتية، لأنهما يحتملان المعنيين لأن السماء