للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْكَعْبَيْنِ»

وبهذا يرتفع الحدث الأصغر، ثم ذكر ما به يرتفع الحدث الأكبر بقوله «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» أي اغسلوا جسدكم كله، لأن التضعيف في الفعل يدل على المبالغة. وإذا كان الحرج منفيا في هذا الدّين الحنيف وعلم الله أزلا أن الماء قد يضر استعماله أحيانا وقد لا يوجد، ويوجد مع الحاجة اليه لنفس أو حيوان أو طبخ، فرخص الله تعالى في عدم استعماله في قوله عز قوله «وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ» المكان المنخفض مطلقا ويطلق على المختص بقضاء الحاجة غالبا، ولذلك استعير لها كما استعير عن كلمة الجماع ب «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» فاجنبتم «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» كافيا لهاتين الطّهارتين أو أحدهما أو كان ولم تقدروا على استعماله لخوف أو مرض أو حاجة، فلم يجعل الله عليكم ضيقا ويلزمكم باستعماله لأداء عبادته، بل جعل لكم من فضله خلفا عنه إذا تعذر عليكم بقوله «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» طاهرا نقيا، راجع الآية ٤٣ من سورة النّساء في بحث التيمم ومعنى الصّعيد.

[مطلب في أحكام التيمم وكيفيته وجواز الوضوء الواحد لخمس صلوات وإن كلمة إنا لا تفيد العموم وفروض الوضوء وكيفيته:]

ثم بين كيفية التيمم بقوله «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ» أي التراب المعبر عنه بالصعيد الذي معناه وجه الأرض بدلا من الوضوء والغسل وإنما أباح لكم هذا لأنه «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ» في الطهارة كما لم يجعل عليكم حرجا في غيرها «وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» عند ما تقومون لعبادته بالماء طهارة حقيقة وعند فقده بالتراب طهارة حكمية تعبّدكم بها «وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ» برخصه كما أتمها بعزائمه «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (٦) نعمه وتعلمون أنه لم يكلفكم بشيء إلّا أثابكم عليه قولا أو فعلا هذا واعلم أن لا محل للقول بان ظاهر الآية يدل على لزوم الوضوء لكل صلاة لما ثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جمع يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد، وجاء في الصحيحين أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. على أنه يسن

<<  <  ج: ص:  >  >>