للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نرد وعليه يكون المعنى يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين فرد الله تعالى عليهم بقوله ليس الأمر كما ذكروا «بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ» من الكفر والجحود أي إنما قالوا هذا القول لظهور كفرهم الذي نطقت به جوارحهم ولم يغن عنهم سكوتهم ولا إخفاء فظائعهم. لا إنهم قالوه تائبين. ومع هذا لو أجيب تمنيهم لما وفوا بوعدهم «وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ» أولا في الدنيا ولفعلوا فيها ما فعلوه قبلا «وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ٢٨» في قولهم هذا بأنهم إذا رجعوا إلى الدنيا يؤمنون كلا لا يؤمنون البتة لسابق شقائهم بحسب خبث طوييتهم «وَقالُوا» هؤلاء الكفرة «إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا» لا حياة بعدها كما يقول محمد وضمير هي يعود إلى الحياة ويجوز عوده على المتأخر رتبة ولفظا قال المتنبي:

هو الجد حتى تفضل العين أختها ... وحتى يكون اليوم لليوم سيدا

لأن ما بعده خبر له وكذلك يجوز إذا كان ضمير الشان وقد منعه الجمهور لاشتراطه في خبره أن يكون جملة والأحسن عود الضمير إلى ما هو في الذهن أي ما هي الحياة إلا حياتنا الدنيا لا غير «وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ٢٩» مرة ثانية كما كانوا يقولون قبل لا محالة فلا فائدة من إجابة طلبهم على تقدير إمكانها «وَلَوْ تَرى» يا سيد الرسل «إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ» للحكم والقضاء حيث يعرضون عليه يوم الجزاء «قالَ» الله تعالى لهم «أَلَيْسَ هذا» البعث بعد الموت الذي كنتم تجحدونه في الدنيا وتكذبون رسلكم إذ يخبرونكم به وتنكرون كلامي المنزل بذلك «بِالْحَقِّ» الذي لا مرية فيه «قالُوا» إذ لم يروا بدا من الإقرار «بَلى وَرَبِّنا» إنه الحق لا شبهة ولا شك فيه «قالَ» تعالى بعد أن شهدوا على أنفسهم «فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ٣٠» بذلك وتنكرونه إذ لا فائدة لكم الآن أأقررتم أم كذبتم، ثم يقول الحق تبارك وتعالى على ملأ الأشهاد

«قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ» غبنوا وخابوا وفاتهم الثواب المؤدي إلى الجنة المنعم به على المصدقين وتلبسوا بالعقاب الموصل إلى النار إذ تمادوا في الدنيا على تكذيبهم ولم يحسوا بأنفسهم «حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً» فجاة على حين غرة

<<  <  ج: ص:  >  >>