للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أنها قد لا توصله لشيء ولو أوصلته فإنه وما توصله إليه فان، فكيف بتلك الشهادة الباقية المخلدة الموصلة إلى دار النعيم التي لمثلها يعمل العاملون وبها يتنافس المتنافسون؟ ويقول لهم أيضا «إِنِّي ظَنَنْتُ» تيفنت في الدنيا «أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» في الآخرة لأنه كان يعتقد ما جاء به الرسل من البعث والحساب والثواب والعقاب وكان حسن الظن بالله والله عند ظن عبده به

«فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ» ٢١ لأمنه مما كان يخافه وقد أعطي أمنينه «فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ» ٢٢ مرتفعة مكانا ومكانة «قُطُوفُها» ثمارها التي تقطف منها للأكل «دانِيَةٌ» ٢٣ للمتناول قائما وقاعدا ومضطجعا لا تحيجه لحركه أو آلة ولا لأمر بل بمجرد ما تخطر بباله تصير أمامه وتقول لهم الملائكة «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ» لهذا اليوم «فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ» ٢٤ الماضية من أيام الدنيا، وهذه الآية السادسة التي تدل على أن العمل دخل في دخول الجنة كما ذكرنا في مثلها في الآية ٧٢ من سورة الزخرف والآية ٣٢ من سورة النحل المارتين والآية ٤٣ من سورة الأعراف في ج ١ «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ» بصوت منخفض ملؤه الحزن والأسى والأسف والحرقة والندم والتأوه لسوء ما يرى وخيبة ما يلقى «يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ» ٢٦ كما كنت في الدنيا، وإذا كان من يسقط بالفحص قد يؤدي به الحال إلى الانتحار لشدة استيائه ويتوارى عن الناس خجلا، فلا لوم على من يسقط في الآخرة أن يقول ما قال ويقول «يا لَيْتَها» الموتة الأولى «كانَتِ الْقاضِيَةَ» ٢٧ عليه القاطعة لهذه الحياة المشئومة يا ويلتا ويا حسرتا «ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ» ٢٨ شيئا مما أنابه من العذاب، وقد «هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ» ٢٩ الذي كنت أحتمي به في الدنيا من قوة وسلطة وحجة وعقل وبقيت ذليلا حقيرا،

فيقول الله تعالى لخزنة جهنم «خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ٣٠ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ» ٣١ أحرقوه بها «ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً» بذراع يعلمه الله وليس مما نعرف من الذراع ويقال لهم «فَاسْلُكُوهُ» ٣٢ بأن تلف على جسده مرات حتى تستغرقه، فيكون كأنه أدخل فيها، لأن معنى السلك الإدخال، قال تعالى (أَنْزَلَ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>