أحاديث كثيرة أعرضنا عنها لعدم الحاجة ولأن في بعضها مبالغة لم نعتمد صحتها وقد اكتفينا بما ذكرناه مما هو صحيح لاغبار عليه وللشيخ الرئيس أبي الحسين علي بن سينا كراسة لطيفة فسّر بها المعوذتين والإخلاص على طريقة الصوفية أبدع فيها رحمه الله، وهو في كل فن مبدع فمن أراد الوقوف عليها والتمتع بما فيها من الإبداع الذي تلذّ به الأسماع وينشرح له الصدر، فليراجعها فإني وأمثالي عيال عليه، هذا والله أعلم واستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين.
تفسير سورة والنجم عدد ٢٣- ٥٢
نزلت في مكة بعد الإخلاص عدا الآية ٣٢ فإنها نزلت بالمدينة، وهي اثنتان وستون آية، وثلاثمائة وستون كلمة، وألف وأربعمائة وخمسة أحرف، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة ولا مختومة بما بدئت وختمت به.
مطلب معنى النجم وأنواع قسم الله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى:«وَالنَّجْمِ» خصه أكثر المفسّرين بأنه الثريا لأن العرب تسميها نجما لأنها نجوم مجتمعة سبعة فأكثر على حسب النظر وقوته، وأنّها تطلع وتغرب بمواسم مخصوصة عندهم لأنها تظهر أوائل الشتاء وتغيب أوائل الصيف عند حصاد الزرع، وانهم يتفاءلون بغيابها إذا كان الهواء غربيا وبالعكس إذا كان شرقيا «إِذا هَوى ١» سقط وغاب عن الأبصار، أقسم الله تعالى به لشيء أراده غير ما ذكرناه وهو لا يسأل عما يريد. ويطلق لفظ النجم على الجنس منه فيشمل كل نجم في السماء، وعلى النبات الذي لا ساق له، وعلى القرآن لنزوله نجوما متفرقة، وعلى محمد صلّى الله عليه وسلم لصعوده السماء ليلة المعراج كالنجم.
واعلم أن أقسام الله تعالى تنحصر في ثلاثة أشياء: بذاته المقدسة وبفعله كالسماء والأرض وبمفعوله كالقمر والشمس، وهي إما لفضيلة خاصة كقوله:(وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) أو لمنفعة عامة نحو (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) . والقسم إما ظاهرا كالآيات السبع التي أشرنا إليها في الآية ١٥ من سورة التكوير المارة، وإما مضمرا وهو قسمان قسم دلت