سذوم، وجاء في المثل: أجور من سذوم. أعاذنا الله مما وقع عليها. وإنما ذكر هذه القرية دون غيرها لأنها على طريقهم حين يذهبون إلى الشام وقد مروا بها مرارا كثيرة وتناقلت لهم أخبارها فهي «الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ» بالحجارة النازلة من السماء بعد أن قلبت وجعل أسفلها أعلاها «أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها» أجهلوها ألم يعلموا سبب تدميرها «بَلْ» رأوها وعرفوها وبلغهم ما وقع بأهلها ولكنهم «كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً» ٤٠ بعثا بعد الموت ولا يتوقعون حصوله وجهدهم هذا في إصرارهم على فعل الفحشاء أسّ عنادهم وأصل عتوهم ومنشأ عذابهم وسبب إهلاكهم
«وَإِذا رَأَوْكَ» يا سيد الرسل ما «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ» هؤلاء الكفرة «إِلَّا هُزُواً» سخرية ويقولون «أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا» ٤١ استخفافا به قاتلهم الله، نزلت هذه الآية في أبي جهل وأضرابه، إذ كانوا إذا مرّ بهم حضرة الرسول قالوا ذلك الكلام وقالوا أيضا «إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا» وقد قرب وأوشك من تنفيذ مراده بها «لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها» بتحملنا تأنيب محمد وأصحابه وتعريضهم بها وبنا، ولكنا لم نلتفت إليهم، فثبتنا ودمنا على عبادتها، وإلا لصرفنا عنها بما أوتيه من بلاغة وفصاحة ولين جانب، وهذا دليل على فرط مجاهدته صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الله، ولهذا هددهم فأنزل فيهم هذه الآية وختمها بقوله «وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» إذا لم يقلعوا عما هم عليه «حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ» ال فيه للجنس، فيشمل عذابي الدنيا والآخرة «مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا» ٤٢ هم أم نحن بل هم حقا حقا يا أكمل الرسل «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ» بأن أطاع هوى نفسه فيما يأتي ويذر وأطلق لها العنان فلم يقيدها بقيود الشريعة ولم يصغ إلى نصح الرسل «أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا» ٤٣ تراقبه وتحفظه من عبادة ما يهواه كلا لا تقدر على ذلك «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ» الوعظ والإرشاد سماع قبول «أَوْ يَعْقِلُونَ» معنى ما يذكرون به من الحجج والدلائل كلا «إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ» في عدم الانتفاع بالذكرى، وعدم التدبر والتفكر بالمصير، وعدم