من قومه تسلية له فقال «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ» المعهود وهو التوراة «وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً» ٣٥ معينا له لأن الوزير من يؤازر غيره ويعينه على تنفيذ ما يريده، وإن الشريعة خاصة لموسى بدليل تخصيصه بالكتاب، وهرون تابع له فيها اتباع الوزير لسلطانه، «فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ» القبط الذين يرأسهم فرعون «الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» التسع العظام وغيرها وأرشدهم إلى طريقنا فذهبا، ولم يجد معهم إرشادهما نفعا وكذبوهما «فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً» ٣٦ إهلاكا هائلا
عجيبا لا يدرك كنهه البشر «وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ» قبله وهم إدريس وشيث وأتباعهم المؤمنين ثم كذبوا نوحا أيضا، ولهذا جاء بلفظ الجمع إيذانا بأن من كذب رسولا واحدا فكأنما كذب الرسل كلها، وهو كذلك، ولهذا فلا مقال على مجيء الآية بلفظ الجمع بسبب أن المذكور واحد «أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً» عظيمة ليعتبروا بها هم ومن بعدهم «وَأَعْتَدْنا» هيأنا «لِلظَّالِمِينَ» منهم في الآخرة «عَذاباً أَلِيماً» ٣٧ مبرحا شديدا غير عذاب الدنيا، وإنما وصفه بالأليم لأن عذابه لا يقادر قدره في الشدة، أجارنا الله منه «وَعاداً» قوم هود «وَثَمُودَ» قوم صالح «وَأَصْحابَ الرَّسِّ» قوم شعيب أهلكناهم كلهم لمخالفتهم أو أمرنا وعدم انقيادهم لرسلنا وإصرارهم على الكفر. وقد تقدمت قصصهم في الآية ٥٨ فما بعدها من سورة الأعراف المارة وسيأتي لقصصهم صلة في الآية فما بعدها من سورة هود في ج ٢ «وَقُرُوناً» دمرناهم أيضا «بَيْنَ ذلِكَ» بين نوح وشعيب «كَثِيراً» ٣٨ منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص كما سيأتي في الآية ٧١ من سورة المؤمن في ج ٢ أيضا «وَكُلًّا» من الجاحدين والمعاندين المار ذكرهم والآتي، لأن التنوين في كلا للعرض أي لكل منهم «ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ» في إقامة الحجة عليهم من أخبار الأولين «وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً» ٣٩ مزقناهم تمزيقا هائلا يتعجب منه لا تتصوره عقول البشر لعدم إجابتهم الدعوة أيضا «وَلَقَدْ أَتَوْا» أي طائفة من قومك يا محمد «عَلَى الْقَرْيَةِ» التي كانت مسكنا لقوم لوط المسماة سذوما باسم قاضيها