عليه السلام، وكانت هذه القصة معروفة عندهم يتناقلها الخلف عن السلف بدليل التعريف فيها المعهود ذهنا، وكانت لأبيهم وكان يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي على الفقراء فلما انتقلت إليهم بعد موته قالوا إن فعلنا مثل أبينا ضاق علينا الأمر لأنا أولو عيال، فحكى الله عنهم ما تذاكروا به بينهم بقوله جل قوله:
«إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها» يقطعون ثمرها «مُصْبِحِينَ ١٧» قبل خروج الناس من بيوتهم حتى لا يراهم أحد يستعطيهم منها «وَلا يَسْتَثْنُونَ» أي لم يقولوا إن شاء الله أيضا «فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ» أي طرأ عليها طارئ ليلا لأن الطائف كالطارق لا يكون إلا ليلا، وهذا الطائف لا يرد لأنه «مِنْ رَبِّكَ» يا رسولي ولا رادّ لما أريده، وذلك بأن أرسل عليها نارا أحاطت بها فأحرقتها كلها «وَهُمْ نائِمُونَ ١٩» قبل أن يفيقوا ويأتوا إليها «فَأَصْبَحَتْ» تلك البستان الغزيرة بالأشجار والثمار «كَالصَّرِيمِ ٢» أي كالرماد الأسود على لغة خزيمة ومن كثرة الدخان كالليل المظلم، والصريم كناية عن البستان الذي صرمت أي فطعت أثماره كلها بحيث لم يبق فيها شيء. ورملة باليمن معروفة لا تنبت شيئا أي كأنها لم يكن فيها شيء من نبات ما، قال تعالى واصفا حالهم فيما جاؤوا إليها
«فَتَنادَوْا» نادى بعضهم بعضا بعد أن أفاقوا من نومهم «مُصْبِحِينَ ٢١» صبحة الليلة التي تحالفوا فيها قائلين لبعضهم «أَنِ اغْدُوا» اخرجوا غدوة «عَلى حَرْثِكُمْ» جنتكم لقطع ثمارها وقسمتها بينكم «إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ ٢٢» عازمين على ما تقاولتم عليه من قصد قطف ثماركم قبل أن يحضركم أحد «فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ ٢٣» يتسارون همسا لئلا يحس بهم أحد قائلين بعضهم لبعض امضوا أو اجزموا على «أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) ٢٤» أبدا فيسألكم منها كما كان الحال زمن أبيكم فيأخذوا ما يفضل عن قوت سنتكم «وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ ٢٥» بزعمهم على ما صمموا عليه من القصد والمنع على اجرائه وان لا يحول بينهم حائل عنه ولم بزالوا سائرين حتى قاربوها «فَلَمَّا رَأَوْها» أرضا سوداء رمداء لا شجر