إن النساء كن داخلات فنسخ الله ردهن فهو تعسف عفا الله عن أمثال هذا القائل لأنه وأمثاله شديد والرغبة في النسخ، وقد استقصوا فيه قدرتهم من كل ما تصورته أذهانهم حتى حدا بهم الحال إلى هنا، وما أرى هذا إلا من باب الجرأة على الله لأن من يتورع أو يقارب الورع يبعد عليه هذا الخوض إلى هذا الحد. هذا وقد امتثل المؤمنون ما أمر الله به حتى أن عمر طلق زوجتيه المشركتين القاطنتين في مكة وهما فاطمة بنت أميه بن المغيرة وتزوجها معاوية، وكلثوم بنت عمرو الخزاعية وتزوجها أبو جهم بن حذافة، وطلق طلحة زوجته أروى بنت ربيعة وتزوجها بعد في الإسلام خالد بن سعد بن العاص، وأسلمت زينب بنت رسول الله فتركت زوجها أبو العاص بن الربيع على كفره في مكة ولحقت بالمدينة ثم أتى وأسلم فردها إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ولما أبى المشركون أن يقروا بحكم الله ورسوله في ذلك أنزل الله جل شأنه «وَإِنْ فاتَكُمْ» أيها المؤمنون «شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ» بأن ذهبن مرتدات ولم يردوا إليكم مهوركم لاهن ولا أوليائهن ولا الذين تزوجوا بهن بعدكم «فَعاقَبْتُمْ» به المشركين بأن غزوتموهم وغنمتم منهم أموالا وغيرها «فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا» عليهن من هذه الغنيمة وما بقي فاقسموه بينكم كما أمر الله «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ»(١١) واعلموا أنكم محاسبون على عملكم إذا خالفتم أمره فاعملوا بحكمه فيكم تفوزوا وتنجحوا. قالوا إن النساء اللاتي ارتددن ستة، أم الحكم بنت أبي سفيان تركت زوجها عاصي بن شداد الفهري وفاطمة بنت أمية تركت زوجها عمر بن الخطاب ومروع بنت عقبة تركت زوجها شماس بن عثمان وعبدة بنت عبد العزى تركت زوجها عمرو بن عبد ودّ هند بنت أبي جهل تركت زوجها هشام بن العاص وكلثوم بنت عمرو تركت زوجها عمر بن الخطاب لأنها لما أبت الإسلام وأصرت على الكفر طلقها هي وزوجته الأولى فاطمة كما مرت الإشارة إليها آنفا، فأعطاهم رسول الله مهورهن من الغنيمة، فلو فرض وقوع معاهدة كهذه بين المسلمين والكافرين فيكون العمل بحق النساء اللاتي يتركن أزواجهن من الطرفين على هذا، لأن الآية محكمة ولا دليل على نسخها البتة. وخلاصة القصة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم