للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة الفتح عدد ٢٥- ١١١ و ٦٣

نزلت بالمدينة بعد الجمعة عدا الآيات من ١٠ إلى ٢٧ فإنها نزلت في الطّريق عند الانصراف من الحديبية فتعد مدنية أيضا، لأن إقامة الرّسول كانت في المدينة وكلّ ما نزل بعد الهجرة يعد مدنيا وهي تسع وعشرون آية وخمسمائة وستون كلمة والفان وأربعمائة حرف، وقد بينا السّورة المبدوءة بما بدئت به في سورة الكوثر ج ١ ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به ومثلها في عدد الآي التكوير والحديد فقط.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ» يا سيد الرّسل بما أمرناك به من مجاهدة أعدائك بعد حادثة الحديبية وقبول الصّلح فيها لأنها مقدمة لافتتاح مكة والبلاد المقدر فتحها على يديك حيث تلاها فتح خيبر وأعقبها بحادثة الأحزاب والفتوحات الأخرى من بلاد قريظة وبني النّضير وغيرها، ومن هذا يعلم أن مقدمة الفتوح هو صلح الحديبية الذي صعب وتعذر واشتد الضّيق فيه على المسلمين حتى يسره الله تعالى بمنه وكرمه وسهله والهم رسوله قبول الشّروط المجحفة التي اقترحها المشركون وكرهها أصحاب رسول الله إذ كان ظاهرها الغبن والحيف على المؤمنين، ولم يعلموا أنها باطنا تنطوي على الرّيح والفوز لهم، إذ سبب اختلاط المشركين بالمسلمين فاطلعوا على محاسن الإسلام ومكارم الدّين الحنيف وما يأمر به من مكارم الأخلاق وفواضل الآداب فملأ قلوبهم حبه، وشارفوا على مزايا حضرة الرسول فرغبوا في صحبته ودخل منهم في دينه خلق كثير قبل الفتح. والمراد بهذا الفتح المشار إليه في هذه السّورة فتح مكة شرفها الله وأعزها كما روى عن أنس رضي الله عنه. وقال مجاهد هو فتح خيبر الواقع عقب الحديبية.

مطلب قصة الفتح وأعني بالفتح فتح مكة لا غير وبيان الّذين هدر دمهم رسول الله وما وقع فيه وسببه:

ومن قال بأن الفتح هو صلح الحديبية تكلف بأن يعدل إلى خلاف الظّاهر فضلا عن أن صلح الحديبية كان سنة ستّ وهذه السّورة نزلت في السّنة الثامنة إذ وقع فيها فتح مكة كما سيأتي، ومما يؤيد أن المراد بهذا الفتح فتح مكة قوله تعالى «فَتْحاً مُبِيناً» (١) ظاهرا

<<  <  ج: ص:  >  >>