من الزمن الطّويل الممتد وغير مقدر في نفسه، والثاني مقدر بأربعين سنة وبالنظر للأحاديث الواردة في هذا الشّأن المعبرة للأول وهو الأولى، والله أعلم «إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ» بنا في الآخرة «سَلاسِلَ» يوثقون بها بأرجلهم «وَأَغْلالًا» تربط بها أيديهم وأعناقهم «وَسَعِيراً»(٤) نارا موقدة تحرقهم «إِنَّ الْأَبْرارَ» الشاكرين لنعمنا قد هيأنا لهم الجنّة يدخلونها مع الشّهداء «يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ» راجع معناه في الآية ١٨ من سورة الواقعة في ج ١ «كانَ مِزاجُها كافُوراً»(٥) من حيث بياضه ورائحته وبرده وهذا اسم لعين الماء التي يخلط بها شرابهم لا الكافور المعروف، لأنه لا يشرب، ومما يدل على ما ذكرناه قوله تعالى «عَيْناً» بدل من كافور «يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً»(٦) إلى حيث شاءوا وأرادوا من قصورهم وخيامهم، لأن التفجير شق الشّيء بان يجروها جداول إلى حيث شاءوا في مساكنهم وغيرها بمجرد إشارتهم إليها، وقد أعطوا هذا الشّيء العظيم في الآخرة لأنهم في الدّنيا كانوا «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» الذي أوجبوه على أنفسهم لذلك فإن الله تعالى وفّى لهم ما وعدهم به وأوجبه على نفسه تفضلا منه إذ لا واجب عليه.
مطلب في الحين والنّذر والكرم وأنواعه وثوابه وأول من سنه:
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأمره أن يقضيه عنها وفي هذا دليل على وجوب الوفاء بالنّذر أما إذا كان معصية فلا، فقد روى البخاري عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول من نذر أن يطيع الله فليف بنذره، ومن نذر أن يعصيه فلا يف به. وعنها قال، لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين- أخرجه الترمذي- وأبو داود والنّسائي «وَيَخافُونَ يَوْماً» عظيما لأن تنكيره يدل على هول ما فيه من الفزع «كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً»(٧) منتشرا على الخلائق والسّموات والأرضين وما فيهما «وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ» في الدّنيا قصد الثواب ابتغاء مرضاة الله تعالى «عَلى حُبِّهِ» وحاجتهم إليه ويؤثرون على أنفسهم «مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً»(٨) ويقولون لمن يتفضلون عليهم «إِنَّما نُطْعِمُكُمْ