للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسبها كما أنها تسبحه بحسبها، راجع الآية ٤٥ من سورة الاسراء في ج ١. ثم أشار تعالى لأهل الأديان السّتة المار ذكرهم بقوله «هذانِ خَصْمانِ» بلفظ التشبه لأنهم في الحقيقة صنفان أهل كتاب ومشركون، وبما أن أهل الكتاب لم يعملوا به ولم يؤمنوا بمحمد فيكون الصّنفان مؤمنين وكافرين، لأن الأصناف الخمسة متساوون بمعنى الكفر، فهم بمثابة واحدة فيكونون صنفا والمؤمنون صنف، وقد جمع الضّمير بقوله «اخْتَصَمُوا» كل منهم «فِي رَبِّهِمْ» في الدّنيا أي اختلفوا في دينه الذي شرعه لهم على لسان أنبيائه المرسلين إليهم راجع الآية ٢٦ من سورة النّور المارة. وقد بين الله كيفية الفصل بينهم فيما تقدم من الآيات وفي قوله تعالى «فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ» (١٩) الماء الشّديد الغليان المتناهي في الحرارة.

ثم بين مبالغة تأثيره فيهم بقوله «يُصْهَرُ» يذاب «بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ» من الشّحوم والأحشاء والأمعاء «وَالْجُلُودُ» (٢٠) يذيبها أيضا

«وَلَهُمْ» عذاب آخر وهو «مَقامِعُ» سياط «مِنْ حَدِيدٍ» (٢١) يضربون بها «كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ» من غمومها الكثيرة وحاولوا الهرب للتخلص من كربها وصعوبة بلائها «أُعِيدُوا فِيها» أعادتهم ملائكة العذاب إليها عنفا وقسرا بالضرب والكبح ويقولون توبيخا لهم وتقريعا حال ضربهم وردهم إليها «وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» (٢٢) وهذا حكم الله تعالى يوم القيامة على فريق الكافرين أهل النّار، أما حكمه على المؤمنين أهل الجنّة فهو ما ذكره بقوله «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ»

(٢٣) ويسميه العراقيون إبريسم، وهو المفتول منه عرفا «وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ» وهو ما ذكره الله تعالى (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الآية ٢٥ من سورة فاطر ج ١ وبقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) الآية ٧٥ من سورة الزمر ج ٢ «وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ» (٢٤) الطريق المحمود الموصل إلى جنته بسلام. هذا ومن قال إن هذه الآية نزلت في

<<  <  ج: ص:  >  >>