للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب عدم المغفرة للمشرك وعدم نفع المال والولد مع الكفر:]

وإنما دعا له بالمغفرة، لأنه كان وعده بالإيمان به وكان يرجو منه ذلك، قال تعالى (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) الآية ١٢٥ من سورة التوبة في ج ٣ وفيها دليل على جواز الاستغفار للكفار ماداموا على كفرهم خلافا لما نقله الشهاب في شرح مسلم النووي من أن كونه عز وجل لا يغفر الشرك مخصص بهذه الأمة، وكان قبلهم قد يغفر لمنافاته صراحة هذه الآية، وعدم الغفران للمشركين عام في كل أمة، قال تعالى: (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) الآيتين من آخر سورة الأعلى المارة أي ان هذا الذي هو في القرآن هو في صحف إبراهيم وموسى، وفيه ما لم يكن فيها أما ما فيها فكله فيه وزيادة «وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ» ٨٧ الناس من قبورهم لان ذلك اليوم «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ» ٨٨ عند مالكه ولا ينفع عنده كل شيء واقتصر على المال والبنين لانهما معظم المحاسن والزينة والرفاه، راجع الآية ٤٥ من سورة الكهف في ج ٢ «إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» ٨٩ من الشك فيه والشرك به لا الذنوب، إذ لا يسلم منها أحد إلا ما ندر عدا الأنبياء بعد النبوة فإنه مقطوع بعصمتهم من كل ذنب حتى في حالة السهو والخطأ والنسيان والغلط راجع الآية ١٢٢ من سورة طه المارة تجد تفسير ما يتعلق بهذا البحث، وقد أخبر الله عنه بأنه كان ذلك الرجل لقوله جل قوله (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الآية ٨٣ من الصافات في ج ٢ وخصّ القلب لأن بقية الجوارح تبع له، تصلح بصلاحه وتفسد بفساده، قال صلّى الله عليه وسلم في حديث طويل صحيح: ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. وأخرج احمد والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال: لما نزلت (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) الآية ٧٥ من سورة التوبة في ج ٣ قال بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لو علمنا أي المال خيرا اتخذناه، فقال صلّى الله عليه وسلم أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه. وفي هذه الآية دلالة على ان طلب المغفرة له حال لا كما قال بعض المفسرين بعد موته، لأنه مات كافرا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>