للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخراب ولمسافة معلومه وتلك بقدرة القادر أبدية طبيعية مسافتها كما يشتهي طالبها والنّاظر إليها إن أراد أن ترتفع مدى النّظر ارتفعت وإن أراد أن تنحط انحطت حسبما يستحسنه الرّائي ويتمناه المتمني ولا تحتاج إلى شيء «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ» (٦٨) ومن أنواعهما ألوان، وإنما خصهما لأن التمر فاكهة وغداء والرّمان فاكهة ودواء وفائدة عطفهما على الفاكهة مع دخولهما فيها لما ذكرنا ولفصلها على جميع الفواكه كما يشير إليه تنوين التنكير فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ» بالأخلاق والآداب حِسانٌ» (٧٠) بالوجوه وتناسب الأعضاء ويظهرن لأزواجهن حسبما يرغبون

وهذا من بعض نعم ربك عليك أيها الإنسان «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» (٧١) وهؤلاء الموصوفات «حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ» (٧٢) المنسوجة من الذهب والفضة الموشاة باللؤلؤ والدّرر والزبرجد والمرجان وغيرها، لا يخرجن منها لكرامتهن وشرفهن يبقين في خدورهن، وهذه الخيام ليست كخيام الدّنيا لأنها واسعة مدى النظر، وفيها الجنان والمياه ومحال التنزه غير السّكن. روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن للمؤمن في الجنّة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السّماء، وفي رواية عرضها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم، فلا يرى بعضهم بعضا «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» (٧٣) وهؤلاء الحسان أيضا كالأول من حيث «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» (٧٤) أي قبل زواجهن أي أنهن أبكار ولا يعدهن أيضا لأنهم لا يتركونهن ولا يطلقونهن وحذف من الثاني بدلالة الأوّل كما يحذف من الأوّل بدلالة الثاني، راجع الآية ٣٥ من سورة الرّعد المارة «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ» وسائد «خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ» (٧٦) أي زرابي وطنافس جميلة جدا وكلّ نفيس جميل تسمية العرب عبقري نسبة إلى عبقر، قيل هي أرض تسكنها الجن، فصارت مثلا لكل منسوب إلى شيء رفيع فاخر عجيب، وذلك أن العرب تعتقد في الجن كلّ صنعة غريبة، وينسبون كلّ شيء عجيب إليهم لاعتقادهم بأنهم يأتون بكل عجيب لما بلغهم عن أعمالهم لسيدنا سليمان

<<  <  ج: ص:  >  >>