بسم الله الرّحمن الرّحيم «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي» أحمدك يا رب العالمين على ما أوليتني من النعم، وأشكرك يا أكرم الأكرمين على ما وفقتني لسلوك طريقك الأقوم، وأسألك يا مجيب السائلين إفاضة برّك وإحسانك، واستجديك إسبال سترك وعظيم امتنانك، وأرجو منك المعونة على ما قدمت عليه من التفسير، واللطف والعناية والتسهيل والتيسير، وأصلي وأسلم على مفتاح غيبك المكنون، وباب فتحك لأهل معرفتك المأمون، وعلى آله الذين آلوا بخير الأعمال، وأصحابه القائمين بما كان عليه من أفعال وأقوال، وأتباعه الذين صانوا دينه وشرعه المتين، فدام الاقتداء بهم وسيدوم إن شاء الله إلى يوم الدين.
أما بعد فإن القرآن العظيم جمع ورتبت سوره وآياته في المصاحف التي بأيدينا طبق مراد الله تعالى بأمر من رسوله الأعظم، ودلالة من الأمين جبريل المكرم، وحينما تشاور الأصحاب رضي الله عنهم على نسخه على الوجه المذكور أراد الإمام علي كرم الله وجهه ترتيب آيه وسوره بحسب النزول، لا لأنه لم ير صحة ما أجمعوا عليه، ولا لأنه حاشاه لم يعلم أن ذلك توقيفي لا محل للاجتهاد فيه، بل أراد أن تعلم العامة تاريخ نزوله ومكانه وزمانه، وكيفية إنزاله، وأسباب تنزيله، ووقائعه وحوادثه، ومقدمه ومؤخره، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، وما يسمى بناسخه ومنسوخه، بادىء الرأي، دون تكلف لمراجعة أو سؤال، ولمقاصد أخرى ستظهر