للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتلهى على الساحل وتعلم أنها تصاد في غيره فتختفي «كَذلِكَ» مثل هذا الاختبار والابتلاء «نَبْلُوهُمْ» نمتحنهم «بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ١٦٣» يخرجون من طاعتنا ونحن أعلم بما يقع منهم قبل الاختبار، ولكنا نظهره لعبادنا ليعلموا حال المخالفين لهم، وإنا لا نعذب أحدا بغير ذنب وقد نثيب بغير عمل تفضلا منا. وهذه الآية من الأخبار بالغيب معجزة له صلّى الله عليه وسلم تجاه يهود زمانه إذ أخبرهم بما وقع في أسلافهم بمخالفة الله أدت لمسخهم قردة وخنازير كما في الآية ١٦٥ الآتية ونظريتها الآية ٦٠ من سورة المائدة من ج ٣ فقد أخبرهم صلّى الله عليه وسلم ما اقترفه آباؤهم زمن سيدنا داود عليه السلام، مع أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يخرج من مكة طيلة عمره حتى هاجر إلى المدينة وفي المدينة لم يطلع على كتب الأقدمين لعدم معرفته القراءة، وهم يعلمون ذلك، وسبب مسخهم أنهم كانوا حفروا حياضا وسقوا لها ساقية متصلة بالبحر فصارت الأسماك تدخلها يوم السبت على حسب عادتها لعدم المعارضة لها ولم تعرف ماحيك لها من الحيل، فسدّوا عليها طرف الساقية من جهة البحر يوم السبت وتركوها حتى إذا دخل يوم الأحد اصطادوها، فعاقبهم الله بالمسخ، ولهذا قال بعض العلماء من أكل الربا بالحيلة حشر يوم القيامة على صورة القردة والخنازير، كما سيأتي في الآية ٢٧٤ من البقرة من ج ٣، قال تعالى «وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ» جماعة «مِنْهُمْ» أي يهود ذلك الزمن لأنهم بعد اقترافهم هذا الذنب بالحيلة والمكر افترقوا ثلاث فرق: فرقة تطاولت فتعدت حدود الله باقترافهم صيد السمك على تلك الصورة، وفرّقة سكتت ولم تشاركهم في خداعهم هذا ولم تنههم عنه، وفرقة نهت وامتنعت من المشاركة وحذّرت الفاعلين غضب الله. كما كانت حالتهم في عبادة العجل إذ افترقوا ثلاث فرق أيضا كما مر في الآية ١٤٨.

[مطلب الرضى بالمعصية معصية]

: فقال الساكتون للناجين «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ» في هذه الدنيا جزاء عملهم القبيح «أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً» في الآخرة على ذلك ولم تتركوهم وشأنهم (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) غدا في الآخرة إذا سئلنا عن ذلك، لئلا نكون قد

<<  <  ج: ص:  >  >>