يخصص والآية المحتج بها مقيدة كما يفهم من ظاهرها لأن الذين لا يرجون الآخرة هم منكر والبعث، والذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا إليها قد صرفوا النظر عن الآخرة فيجوز أن يكونوا الكفار أيضا، أما هذه الآية فليس فيها ما يحصرها على المؤمن والكافر فأجريناها على إطلاقها.
[مطلب ما في صحف ابراهيم وموسى والحكم الشرعي في العيد:]
قال تعالى «إِنَّ هذا» أي قد أفلح إلى هنا «لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ١٨» التي نزلت قبل القرآن على الأنبياء والرسل ونظير هذه الآية الآيتان ٣٦ و ٣٧ من سورة والنجم والآية ١٩٦ من الشعراء ثم أبدل من عموم الصحف الأولى «صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى ١٥» أي أن ذلك كله مذكور فيها وان جميع الشرائع متفقة على ما في صحفهما وما أنزل على غيرهما ممن تقدمهما داخل فيهما من حيث أصول الدين الثلاثة، راجع بحثها في المطلب الحادي عشر من المقدمة. عن أبي ذر قال: دخلت المسجد فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم للمسجد تحية، فقلت وما تحيته يا رسول الله؟ قال ركعتان «أراد صلّى الله عليه وسلم مسجده الشريف وهكذا حكم المسجد الأقصى وسائر المساجد، أما المسجد الحرام فتحيته الطواف» قلت يا رسول الله هل أنزل عليك شيء مما كان في صحف ابراهيم وموسى؟ قال أباذر اقرأ قد أفلح إلخ أي من هذه السورة، قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت كلها عبرا:
عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم يغضب، عجبت لمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل. أخرجه رزين في كتابه وذكره ابن الأثير في جامع الأصول. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحائف، وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
قلت يا رسول الله فما كانت صحف ابراهيم؟ قال أمثال كلها: أيها الملك المتسلط