للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت عليه وأسمن تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما نفذت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس- لفظ مسلم- وخرجه البخاري بمعناه في موضعين، وتتمة هذا الحديث تأتي بالآية ٢٦ من سورة التوبة الآتية. هذا ومن قال إن هذه الآية نزلت في الذين يكتمون نعت محمد صلّى الله عليه وسلم من اليهود وغيرهم فقد ذهل القصد وأغفل المطلوب وأخطأ المرمى، لأن الله تعالى لما بين الباذلين أموالهم وأنفسهم في الجهاد أتبعه في الباذلين المال لأنه من لوازم الجهاد وضرورياته، وقد سبقت آيات كثيرة في الكاتمين نعت الرسول، فلا حاجة لأن تؤول غيرها على خلاف ظاهرها ولا نجهد الفكر بأن هذه ناسخة وهذه منسوخة من حيث لا ناسخ ولا منسوخ كما اعتاد بعض المفسرين حتى تجارءوا على مخالفة ظاهر التنزيل بلا جدوى، وحتى ان بعضهم جرؤا على النظم الكريم مثل صاحب الجمل عفا الله عنه، راجع الآية ٥ من سورة الحج الآتية وما ترشدك إليه من سورة يونس في ج ٢، ألا فليحذر العالم أن يخرج عن حد الاعتدال اغترارا بما آتاه الله من ذرة علم، فكثير ممن هو أعلم منه وأعلم هوى به علمه إلى أسفل سافلين، أعاذنا الله تعالى من ذلك ووقانا ممّا هنالك.

قال تعالى «لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَ» نكتب أيضا «قَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ» من قبل أسلافهم «بِغَيْرِ حَقٍّ» عدوانا محضا «وَنَقُولُ» لهم في الآخرة عند ما يطرحون بالنار ويستغيثون بنا فيها «ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» (١٨١) فيها «ذلِكَ» العذاب الشديد ينالكم «بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ» من أعمال منكرة «وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» (١٨٢) فلا يعذب أحدا بلا جرم، قال دخل أبو بكر رضي الله عنه بيت المدارس فقال لحبر اليهود فنخاص بن عازوراء على ملإ من قومه قد جاءكم محمد بالحق من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة، فاتق الله وآمن وصدق واقرض الله قرضا حسنا يدخلك الجنة ويضاعف لك الثواب، فقال يا أبا بكر تزعم أن ربنا يستقرض إذن هو الفقير ونحن أغنياء، فغضب أبو بكر وضربه وقال والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينكم

<<  <  ج: ص:  >  >>