للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردّهم إلى ما أخرجهم منه فكأنهم وديعة هناك تخرج حين يشاء الله ذلك وقد أطلق ابن عباس رضي الله عنهما اسم الوديعة على ما كان في الصلب صريحا فقد أخرج عبد الرزاق عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس أتزوجت؟ قلت لا وما ذاك في نفسي اليوم قال إن كان في صلبك وديعة فستخرج، وروى تفسير المستودع في الدنيا والمستقر في القبر عن الحسن وكان يقول يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك ويوشك أن تلحق بصاحبك وأنشد قول لبيد:

وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوما أن ترد الودائع

وقال سلمان بن زيد العدوي في هذا

فجع الأحبة بالأحبة قبلنا ... فالناس مفجوع به ومفجع

مستودع أو مستقر قد خلا ... فالمستقر يزوره المستودع

وقال أبو مسلم الأصفهاني: المستقر الذكر والمستودع الأنثى، وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث في الآية ٩٠ من سورة مريم المارة في ج ١ والآية ٤ من سورة هود المارة فراجعها تعلم أن كل إنسان مستقر من جهة، مستودع من أخرى لأنه استقر فيه شيء ممن قبله فصار مستودعا عنده لمن بعده وهكذا من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الأرض من عليها بإرثها ولهذا قالوا إن لكل نسمة حظا من نشأة آدم عليه السلام على طريق التسلسل حسا وقد يكون معنى

[مطلب نبذة فيما يتعلق بالرابطة لدى السادة الصوفية تابع لما مر في الآية ٥٧ من الإسراء في ج ١:]

ومن هنا يعلم أن نظر المريد الصادق إلى شيخه الكامل نظر إلى وجه الصديق رضي الله عنه لأن شيخه كان نظر إلى شيخه فسطع على وجهه من نوره وهكذا شيخه وشيخ شيخه وهلم جرا فيصير كل منهم آخذا ومعطيا فيكون لكل حظ منه وهو مقتبس من مشكاة النبوة المستفيض من الحصرة الإلهية فنال نصيبه منه أيضا، وعلى هذا اتخذ السادة الصوفية الرابطة فجعلوها من شروط أورادهم التي يلقنونها إلى المريد واقتبسوها من قوله تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) الآية ٣٨ من سورة المائدة في ج ٣ وسنبين فيها إن شاء ما يقتضي لهذا البحث، ومما يؤيد هذا هو قول المصلي

<<  <  ج: ص:  >  >>