في التحيات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله بأنه يستلزم تشخيص حضرة الرسول عند ذلك لتصح الإشارة كما سنبينه في تفسير آية المائدة المذكورة إن شاء الله بصورة أوضح وقد مر في الآية ٥٧ من سورة الإسراء ما يتعلق بهذا البحث فراجعه في ج ١.
والدليل الخامس قوله عز قوله «وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً» جاء على الغيبة ثم التفت جل شأنه إلى التكلم فقال «فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ» عمم جل وعلا ثم فصل فقال (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ» أي النبات «خَضِراً» شيئا غضا وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبّة «نُخْرِجُ مِنْهُ» من هذا الخضر «حَبًّا مُتَراكِباً» بعضه على بعض كسنبلة الحنطة والأرز وعرنوس الذرة وشبهها «وَمِنَ النَّخْلِ» وأبدل منها قوله «مِنْ طَلْعِها» لأن النخل يخرج منها الطلع ويخرج الثمر من الطلع «قِنْوانٌ» بكسر القاف غدوق جمع قنو كصنو وصنوان ويجوز فتح القاف وضمه، ولا يوجد في اللغة مثنى مفرد ويستوي فيه مثناه وجمعه إلا خمس أسماء: قنو وصنو ورئد بمعنى مثل وشقو وحش بمعنى الثعبان، ولا يفرق بين جمعه ومثناه إلا الإعراب، وقال الرازي في تفسيره إن المثنى منه بكسر النون، وبهذا يكون الفرق بين جمعه وتثنيته بالحركة «دانِيَةٌ» لمن يجتنيها ويقطفها لأنها تثقل بالثمر فتنحني وتتدلى إلى الأسفل، وتأتي قنوان بمعنى نائية بعيدة فتكون من الأضداد، واكتفى بذكر الدانية عن النائية لمعلوميتها على حد قولة تعالى (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد كما سيأتي في الآية ٨١ من سورة النحل، ولأن الدانية أيسر تناولا وأسهل للقطف من النائية العالية البعيدة التناول، وهذا الفرق إنما يكون في أشجار الدنيا وثمارها، أما الآخرة فالقريب والبعيد بالتناول سواء، لأنك متى نظرت إلى ثمرة وأردتها صارت بين يديك، والطلع هو الإغريضي الخارج من قلب النخلة الذي ينبثق عنه العثوق، والعثق الذي فيه التمر بمنزلة العنقود من العنب، والمتشعّب منه يسمى عرجون، ويسميه أهل (عانه) شرموخ، وهو الذي ينبت فيه التمر «وَجَنَّاتٍ» عطف على نبات «مِنْ أَعْنابٍ» متنوعة عرائش وكروم «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ» أخرجناه أيضا «مُشْتَبِهاً» بعضه مع بعض «وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ» أنواع كثيرة منها ما يشابه بعضه ويوافقه باللون