قال تعالى:«وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ» أي أمية بن خلف الذي فعل ما فعل في بلال بقصد تكفيره «إِذا تَرَدَّى ٢١» بأكفانه وطرح في قبره، ثم هوى وسقط في نار جهنم فهل يغنى عنه في الآخرة ماله وولده وهل يحول دون هلاكه فيها؟ كلا لا شيء ينجيه من ذلك «إِنَّ عَلَيْنا» نحن إله الكل «لَلْهُدى ١٢» فتبين طريقه من طريق الضلال، وعلى العبد سلوك أيهما شاء «وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ» فنثيب من اهتدى «وَالْأُولى ١٣» لنا أيضا نيسر لخيرها من أراد هدانا فكلاهما في تصرفنا كما نشاء. فمن طلبهما من غيرنا آب بالخسران وأخطأ الطريق السوي، ولا يضرنا ترككم الاهتداء له لأن مضرته عليكم، ثم التفت جل شأنه من الاخبار إلى الخطاب فقال:«فَأَنْذَرْتُكُمْ» يا أهل مكة ويا أمة محمد «ناراً تَلَظَّى ١٤» بتاء واحدة، وقرأ بعضهم بتاءين أي تتلظى وتتوقد وتتلهب وتتوهج أجارنا الله منها «لا يَصْلاها» يحرق بها «إِلَّا الْأَشْقَى ١٥» الكافر المتوغل بالكفر والشقاء «الَّذِي كَذَّبَ» الرسل ومجد الآلهة «وَتَوَلَّى ١٦» عن الإيمان مصرا على كفره «وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧» المبالغ في تقواه المتقى الكفر ودواعيه المشرّب بالإيمان ومراميه «الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ» للمساكين طلبا لما عند الله من الثواب في الآخرة «يَتَزَكَّى ١٨» يطهر نفسه من دون الكفر فيلقى الله تعالى طاهرا من شوائبه، خاليا من الرياء والسمعة. قال أبو عبيدة: الأشقى بمعنى الشقي وهو الكافر، والأتقى بمعنى التقي وهو المؤمن، لأنه لا يختص بالصّلي أشقى الأشقياء، ولا يختصّ بالنجاة أتقى الأتقياء، ولا يقال إنه أراد نارا مخصوصة بالأشقى، لأن هذه النار نفسها هي التي يجنبها الأتقى فلأن يجنب غيرها من باب أولى.
«وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ» أي أبي بكر لأن هذه السورة نزلت في حقه وفي بطل أمية، والذي يؤيد نزولها، ما رواه سعيد بن المسيب قال: بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له: أتبيعه، قال بفسطاس، عبد لأبي بكر وكان صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي. وكان مشركا، وقد حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه، فلما قال له أمية: