يحرف ويبدل لقاء ما يأخذه من حطام الدنيا من الرعاع ولحب بقاء الرياسة والمال «أُولئِكَ» الذين هذا وصفهم «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ»(١٩٩) يحاسب الخلق كلهم بآن واحد محاسبة رجل واحد كطرفة عين أحدكم من حيث لا يعلمون هذه السرعة. هذا ولا يفهم من لفظ (قليلا) أن الذين يبيعونها بكثير غير مذمومين، بلى هم مذمومون مدحورون أيضا، وإنما سماه الله قليلا لأنه مهما كان كثيرا فهو قليل بالنسبة للمبيع الذي لا يوازى بالدنيا وما فيها ولا بحرف منه. وهذه الآية عامة في جميع أهل الكتاب الذين حسن إسلامهم، لا ينافي عمومها ما قالوه بأنها نزلت في النجاشي الذي اسمه أصحمة بالحبشية ومعناه بالعربية عطية، إذ آمن على يد من هاجر سنة خمس من البعثة من أصحاب رسول الله قبل نزول سورة والنجم.
[مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:]
وخلاصة قصته أن قريشا لما عادت من بدر مكسورة جمعت مالا وأهدته إلى النجاشي مع عمرو بن العاص وحمادة بن معيط ليسلمهم جعفر بن أبي طالب وأصحابه الذين هاجروا إليه قبلا لينتقموا منهم، فلما وصلا دخلا عليه ساجدين إذ كان تحيته السجود، وبعد أن قدما له الهدايا وتحية قومهم قالا إن قومنا شاكرون لك ولأصحابك محبون لكم ويؤيدون شعائركم، وإنهم يحذرونك من هؤلاء الذين قدموا عليك لأنهم قوم رجل منا يزعم أنه رسول الله لم يتبعه إلا السفهاء وقد بعثهم إليك ليفسدوا دينك وملكك ورعيتك، فادفعهم إلينا لنكفيكهم، وآية ما قلنا أنهم لن يسجدوا لك إذا استدعيتهم، فأمر بهم، فلما حضروا قال جعفر يستأذن عليك حزب الله، فقال النجاشي مروه فليعد كلامه، ففعل، فقال النجاشي نعم ليدخلوا بأمان الله وذمته، فنظر عمرو إلى صاحبه وقال ألا تسمع كيف يرطنون (الرطانة الكلام بالأعجمية) فدخلوا وسلموا ولم يسجدوا، فقال ألا ترى استكبارهم، فقال النجاشي لم تحيّوني بالسجود، وقد علمتم أنه تحيّتي، فقالوا كان السجود تحيّتنا ونحن نعبد الأوثان، فلما شرفنا الله بنبينا الصادق علمنا تحية أهل الجنة، وهي السلام