ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة القمر عدد ٣٧- ٥٤
نزلت بمكة بعد طارق، عدا الآيات ٤٤ و ٤٥ و ٤٦ فانها نزلت بالمدينة، وهي خمس وخمسون آية وثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة، والف وأربعمائة وثلاثة عشر حرفا، وتسمى سورة اقتربت ويوجد سورة الأنباء مبدوءة بلفظ اقترب ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به في القرآن.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى:«اقْتَرَبَتِ» وفي وقت «السَّاعَةُ» القيامة «وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ١» انشقاقا حقيقيا علامة على قربها ومعجزة لرسول الله، والسبب في نزول هذه الآية، أن قريشا سألت رسول الله أن يريهم آية دالة على صدقه في ادعاء النبوة، لأنهم لم يعتبروا بما نزل في القرآن الذي هو أعظم آية وأدومها ولم يكتفوا به فأراهم انشقاق القمر مرتين، أخرجه البخاري ومسلم عن أنس وزاد الترمذي: فنزلت هذه السورة أي عدا الآيات المدنيات. وقوله مرتين قيد للرؤية وتعددها لا يقتضي تعدد الانشقاق بأن يكون رآه منشقا، فصرف نظره عنه ثم أعاده فرآه كذلك لم يتغير. وفيه إشارة إلى أنها رؤية لا شبهة فيها. وقد فعل نحوه الكفرة لأنهم لما رأوه مسحوا أبصارهم ثم أعادوا النظر فلما رأوه لم يتغير قالوا ما هذا إلا سحر فلو قال أحد هؤلاء رأيته ثلاث مرات أو أكثر صح بلا غبار. قال الأبوصيري رحمه الله:
شق عن صدره وشق له البدر ... ومن شرط كل شرط جزاء
مطلب معجزة انشقاق القمر:
فتعدد الرؤية لا يقتضي تعدد الانشقاق إذ لم يقل به أحد، وأخرجا عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله شقتين فقال صلّى الله عليه وسلم اشهدوا: وفي رواية قال: بينما نحن مع رسول الله إذ انفلق القمر فلقتين، فلقة فوق الجبل وفلقة أدناه فقال لنا صلّى الله عليه وسلم اشهدوا. ولا يعارض هذا ما صح عن أنس أن ذلك كان بمكة