صلى الله عليه وسلم «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ» فيك وفي كتابك وربك، الى أن يأتي ذلك الوقت المقدر لإيقاع العذاب فيهم في الدنيا، وسترى عذابهم الأكبر يوم القيامة «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى» ١٣٠ هذه الآية والتي بعدها نزلتا في المدينة، ولهذا فسرت بالصلوات الخمس، فصلاة الصبح قبل طلوع الشمس، والعصر قبل غروبها، وآناء الليل أول ساعاته المغرب والعشاء، وأطراف النهار صلاة الظهر، لأنها تدخل أول الزوال وهو انتهاء طرف النصف الأول وابتداء طرف النصف الثاني وهي بينهما، لذلك قال وأطراف النهار، وقرىء ترضى بضم التاء أي تعطى الثواب الذي يرضيك به ربك، وبالفتح ترضى ما يعطيكه من الثواب وترضي نفسك بالشفاعة بالآخرة وبالظفر وانتشار دعوتك بالدنيا، والآناء جمع أني وهو الوقت، ولذلك فسر بالساعات في قوله تعالى (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) الآية ٥٤ من سورة الأحزاب في ج ٣، أي وقته
قال تعالى «وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ» فتطيل النظر بها إعجابا واستحسانا وتمنّيا يا حبيبي إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ» من قومك وغيرهم بالأموال والرياش والأثاث والأنعام والأولاد وغيره، لأن ذلك لا قيمة له عندنا ولذلك لم نزودك منه لكونه «زَهْرَةَ» أي بهجة وزينة وزخرف «الْحَياةِ الدُّنْيا» الفانية بما فيها لأنه من جملة الغرور الذي حذرناك منه، ولذلك لم نجعل لك ميلا إليها لانها ليست بشيء يركن اليه، وإنا إنما أعطيناهم ذلك «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» لا لغير ذلك، بل نريد أن نمتحنهم ونختبرهم ابتلاء من عندنا ليزدادوا إثما بكفرانها فيستوجبوا العذاب الشديد «وَرِزْقُ رَبِّكَ» الذي رزقه في الدنيا بالنسبة لما بترتب عليه من الثواب في الآخرة وما أنعم به عليك من النبوة والرسالة وما وعدك به من فتح البلاد وارشاد العباد، وانقياد الأمم للايمان بك، وما أدخره لك من الأجر لقاء دعوتك لهم وصبرك على أذاهم، وقناعتك بالقناعة من الرزق، وتجملك يحسن الخلق ولين الجانب «خَيْرٌ» لك مما أعطيناهم من النعم الدنيوية التي لا قيمة لها مهما كانت كثيرة «وَأَبْقى» ١٣١ أدوم لأن ما أعطاكه باق لا يزول في الدنيا والآخرة، وما