أكفاء وأشباها من الملائكة والجن وغيرهما من سائر الأوثان المنحوتة من أحجار وأخشاب والمصوغة من الفضة والذهب والحديد وغيرهما من المعادن بصنع أيديكم لا تقدر على خلق شيء لأنها عاجزة عن حفظ نفسها ومع هذا فإنكم تعبدونها وتعرضون عن الإله الخلاق «ذلِكَ» المستحق للعبادة وحده «رَبُّ الْعالَمِينَ» ٩ أجمع الناطق منهم والأعجم والمتحرك والجامد «وَجَعَلَ فِيها» في الأرض التي خلقها في يومين الأحد والأثنين «رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها» راجع الآية ٩ من سورة لقمان المارة «وَبارَكَ فِيها» بالأشجار والثمار والزروع والأنهار والحيوان والحيتان من جميع ما يحتاجه البشر وغيره «وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها» أرزاقها لكل ما فيها وكميّتها وكيفيتها «فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ» اليومين الأولين والخميس والجمعة لأنه خلق السماء بعد الأرض في يومي الثلاثاء والأربعاء قبل خلق الروامي وتقدير الأقوات لا انه غيرهما وهذا كما تقول سرت من القنيطرة الى دمشق في يومين والى النبك في أربعة أيام أي في تنمة أربعة أيام، ولا بد من هذا التقدير لأنه بغيره يكون تمام الخلق بثمانية أيام وهو مناف لما جاء في قوله تعالى في آيات عديدة في ستة أيام كما أوضحناه في الآية ٥٤ من سورة الفرقان والآية ٥٩ من الأعراف في ج ١ «سَواءً لِلسَّائِلِينَ» ١٠ الذين يسألونك يا أكرم الخلق عن مقدار الزمن الذي خلق ربك فيه الأرض وما فيها بلا زيادة ولا نقص
«ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ» شيء ظلماني كالدخان، وقد مرّ أن عرش الرحمن كان على الماء وكان قبله عماء، راجع الآية ٦ من سورة هود المارة، وأحدث الله في هذا الماء سخونة، فارتفع زبد ودخان، فأما الزبد فبقي على وجه الماء فأيبسه الله وأحدث منه الأرض، وأما الدخان فارتفع وعلا، فخلق منه السموات، قال الراجز في صفة الأرض:
فبطنها محشوة بالغار ... وقشرها قد شق بالبحار
ومما يدل على هذا قوله تعالى (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) الآية ٧ من سورة الطور الآتية، وقوله صلّى الله عليه وسلم:(البحر طباق جهنم) وقد أسهبنا البحث في هذا في الآية ٢٧ من سورة الحجر المارة فراجعها، وفي هذه الآية معجزة من معجزات القرآن أيضا، إذ لم يكن عالم أو فيلسوف في ذلك العهد أخبر حضرة الرسول أن هذا الكون