للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يستعظم ويتردد فيه عقل من لا يعرف عظمة الله، على أن الذي يصدق بظهور (التلفزيون) وهو المدياع الذي يرى صورة المذيع وليس صوته وهو في فعل بعض خلقه، يجدر به ان يصدق بهذا ولا يتردد فيه، لأنه من فعل ربه الذي لا يعجزه شيء، وهو الذي يقدر عباده على أشياء لم يقبلها العقل مما ظهر في القرن العشرين هذا، من البواخر والطائرات كالقلاع والصواريخ والمذياع (الراديو) ومعامل الكهرباء مما يحار فيها العقل ولا يكاد يصدقها لولا وجودها، وما ندري ما سيظهر لنا بعد من عجائب مكوناته حتى يتبين للكافر أنه الإله الحق الذي لا رب غيره الموجد لكل شيء، راجع الآية ٥٣ من سورة فصلت في ج ٢، فلما أقبلت بلقيس بدبدبها وكبكبها وقبقبها

«قالَ» سليمان لخاصته «نَكِّرُوا لَها عَرْشَها» أي افعلوا به شيئا تنكره من تغيير وتبديل فيه، فوضعوا الدر الأحمر مكان الأصفر، وجعلوا ما في مقدمه في مؤخره وبالعكس، وما بأعلاه أسفله وبالعكس، وعرضوا ما فعلوه به على سليمان، فأعجبه، وقال نعرضه عليها «نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي» لمعرفته فنستدل بذلك على هدايتها «أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ» ٤١ لمعرفته ولا للجواب اللائق بذلك «فَلَمَّا جاءَتْ» وتمثلت بين يدي سليمان واستقر بها المكان أطلعها المرافقون لها من قوم سليمان بأمره على المتاحف ومن جملتها عرشها، إذ وضع بالمتحف «قِيلَ» لها من قبل المرافقين «أَهكَذا عَرْشُكِ» الذي تركتيه في بلادك الذي أخبرنا عنه الهدهد؟ ولم يقولوا أهذا عرشك؟ لئلا يكون تلقينا لها فيفوت الأمر المقصود من تنكيره، فنظرت إليه وتأملته جيّدا ثم «قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ» لم تقل نعم هو، خوفا من الكذب لأنها تركته محصنا بالأقفال محروسا من عظائم الرجال، وتقدمته بالمجيء ولم تقل لا، خوفا من التكذيب، لأنها عرفته هو هو، وان ما أوقع فيه من التغيير لم يبدل هيئته بالجملة، وكان سليمان قريبا من المرافقين لها يسمع كلامها، فاستدل به على كمال عقلها وحكمتها ورجاحتها وتؤدتها من جوابها الحسن، وعدم إظهار ابتهاجها بما رأت، فقال لها سليمان عليه السّلام انه هو بعينه، وان إغلاق الأبواب عليه، وإحاطته بالحرس لم يحولوا دون قدرة الله بجلبه معجزة لي، وطلبا لإسلامك لله

<<  <  ج: ص:  >  >>