للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِبْراهِيمَ»

التي يدعوكم إليها محمد وانقادوا لأمره وليكن كل منكم «حَنِيفاً» مائلا عن كل دين خاضعا لدين محمد دين الإسلام الذي هو عليه وأصحابه «وَما كانَ» إبراهيم قط «مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٩٥) كما أنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولم يعبد غير الله، وهكذا كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم يولدون على الفطرة ويتعبدون بما يلهمون من تعاليم الله أو مما كان عليه الأنبياء قبلهم.

[مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:]

ولما قال اليهود للمسلمين بعد تبدل القبلة إن بيت المقدس أفضل من الكعبة لأنه مهاجر الأنبياء ومدفنهم ومهبط الوحي وفيه الصخرة الشريفة محل عروج الأنبياء إلى السماء وهي أقرب وجه الأرض فيها إليها وفلسطين أرض المحشر وأقدم قبلة استقبلت في الصلاة، أنزل الله ردا عليهم «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ» قبلة «لَلَّذِي بِبَكَّةَ» وليس بيت المقدس، وجاء بالباء لأن العرب تعاقب بين الباء والميم فيقولون ضربة لازب، وضربة لازم، ومكة، وبكة، لأن الناس يتباكون حولها قديما وحديثا، ويطلق هذا اللفظ على البيت نفسه وموضع المسجد فيها مما هو محيط به، ويوجد في المسجد الأقصى محل تسميه اليهود المبكى فهم يقفون فيه يبكون حتى الآن، وسميت مكة لقلة مائها يقال مك الفصيل أمه إذا لم يبق فيها لبنا. روى البخاري ومسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض فقال المسجد الحرام، قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال أربعون عاما ثم الأرض لك مسجدا، فحينما أدركتك الصلاة فصل. زاد البخاري فإن الفضل فيه «مُبارَكاً» بيت مكة تشمل بركته الأرض كلها «وَهُدىً لِلْعالَمِينَ» (٩٦) فيها إذا وقفوا لزيارتها مؤمنين بربها يهتدون بهديه ويتباكون حوله طلبا لمغفرة ما سلف منهم ولما عند الله من الرحمة بهم «فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ» منها «مَقامُ إِبْراهِيمَ» وهو الحجر الذي كان يقوم عليه عند بنائه، راجع الآية ١٢٥ من البقرة المارة في بحثه، «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» وهذا من جملة آياته أيضا، قال أبو حنيفة رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>