الانعام ج ٢ وهو ناسخ لما في التوراة كما جاء في الإنجيل نسخ بعض أحكامها بالنظر للمصلحة والعصر كما في الآية ٤٩ المارة، وهذا معنى قوله تعالى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) الآية ١٠٧ من البقرة المارة بالنسبة لما تقتضيه المصلحة والزمان ولانقضاء الوقت المقدر للعمل فيه عند الله تعالى كما ذكر الشيخ محي الدين في فتوحاته، ومن هنا أخذت قاعدة تبدل الأحكام بتبدل الأزمان، ومن هذا قول علي كرم الله وجهه لا تقسروا أولادكم على طباعكم فإنهم خلقوا لزمن غير زمانكم. قالوا والسبب في إصابة يعقوب هو أنه كان نذر لأن أعطاه الله اثنى عشر ولدا وأتى بيت المقدس صحيحا ليذبحنّ أحدهم تقربا إلى الله تعالى، ولما منّ الله عليه بذلك توجه لبيت المقدس لإيفاء نذره فلقيه ملك على صورة بشر فحسبه لصا فتصارع معه فغمزه في فخذه. فعرض له عرق النسا، ولما وصل أراد ذبح ابنه ولم يعرف أيهم يذبح، فجاءه الملك الذي عرض له وقال لا سبيل لك لذبحه لأنك لم تصل صحيحا، وإنما غمزتك في فخذك للمخرج من نذرك فكف عن ذبحه، وهناك منعه الأطباء عن أكل لحوم الإبل ولبنها، وقد ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم دواء هذا العرق بقوله: شفاء عرق النساء إلية شاة اعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم تشرب على الريق كل يوم جزءا. وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه والحاكم وهو حديث صحيح كما في شرح العزيزي، قال أنس رضي الله عنه قد وصفت ذلك لثلاثمأة نفس كلهم تعافوا. وهذا والله أعلم، إذا حصل من يبس في بلاد حارة كالحجاز، لأن فيها تليينا وإنضاجا. وقيل إذا طبخ دماغ الوطواط بدهن الورد ودهن به عرق النسا يسكن وجعه بإذن الله.
ومثل ما وقع لسيدنا يعقوب وقع لعبد المطلب جد النبي صلّى الله عليه وسلم إلا أنه فدى ابنه الذي أراد ذبحه بمئة من الإبل ولهذا صارت دية الرجل مئة من الإبل. قال تعالى «فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ»
البرهان القاطع الدال على كذب اليهود وحل أكل لحوم الإبل وألبانها زمن إبراهيم عليه السلام وأصر على افترائه «فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»
(٩٤) أنفسهم وغيرهم «قُلْ» يا سيد الرسل «صَدَقَ اللَّهُ» وكذبتم أيها اليهود «فَاتَّبِعُوا» أيها الناس «مِلَّةَ