أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)
الآيتين ٤٨/ ١١٦ من سورة النساء في ج ٣ «إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣» بعباده يغفر ما كان منهم ويكشف ما يهمهم ويستر ما يشينهم صغرت هذه الذنوب أو كبرت فهي في جنب عفو الله لا شيء.
[مطلب آيات الرجاء وعظيم فضل الله وما جاء عن بني إسرائيل وحرق الموتى:]
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن أناسا من المشركين أكثروا من القتل والزنى والشرب وهنك الحرمات كلها فقالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم إن الذي تدعو إليه لحسن، لو تخبرنا لما عملناه كفّارة فنزلت الآيات ٦٨ فما بعدها من سورة الفرقان المارة في ج ١، وهي (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) إلى قوله (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) قال يبدل شركهم إيمانا وزناهم إحصانا، ونزلت هذه الآية المفسرة أيضا- أخرجه النسائي- وعنه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة رضي الله عنه يدعوه إلى الإسلام رغبة بنشر دين الله وشفقة على عباده مع أنه قاتل عمه وأعز الناس عليه يومئذ لشدة حرصه على إقامة هذا الدين جزاه الله عنا خيرا ووفق أمته لاتباعه، فأرسل إليه كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم من قتل أو أشرك أو زنى يلق أثاما يضاعف له العذاب، وأنا قد فعلت ذلك كله؟
فأنزل الله (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) الآية من سورة الفرقان أيضا، فقال وحشي هذا شرط شديد لعلي لا أقدر عليه فهل غير ذلك؟ فأنزل الله آيتي النساء المذكورتين آنفا، فقال وحشي أراني بعد ذلك في شبهة، فلا أدري أيغفر لي أم لا؟ فأنزل الله هذه الآية المفسرة، فقال وحشي نعم فجاء وأسلم وحسن إسلامه.
وهذه الحادثة أولى بأن تكون سببا للنزول لأنها مدنية والحادثة مدنية فتكون أليق بسبب النزول من تلك، وإن ما بعدها يجوز أن يكون سببا للنزول لأن الآية الواحدة قد تكون لحوادث كثيرة متوافقة، وهو ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نزلت في عياش ابن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا قد أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا (الصرف التوبة والنافلة والعدل الفدية والفريضة) قوم أسلموا ثم تركوا دينهم لعذاب عذبوا به في الدنيا، فأنزل الله هذه الآية فكتبها عمر بن الخطاب