للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

ألا لا تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن مجموعها ببيان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وإرشاد أستاذ وطول زمان

هذا وقد أقسم الله في هذه الأشياء لما فيها من عظيم قدرته وجواب القسم «إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ» ٧ بالمشركين والعاصين في الدنيا والآخرة على بعض وفي الآخرة على آخرين، على أن العصاة قد يعذبهم فيهما أو في أحدهما، وقد يعفو عنهم، ولا يسأل مما يفعل، وإذا وقع عذابه على أحد «ما لَهُ مِنْ دافِعٍ» ٨ يدفعه عنه أو يمنعه منه وعلامة وقوعه أول أيام الآخرة «يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً» ٩ تضطرب وتدور بشدة كدوران الرحى، ولكن بسرعة لا تدرك «وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً» ١٠ حثيثا فتزول عن أماكنها وتكون هباء منثورا، لأنها خلقت رواسي للأرض كي لا تتكفا بأهلها تكفؤ السفينة ولا تتحرك، وذلك لأجل عمارة الأرض أما وقد آذن الله بخرابها فلم يبق لها من حاجة، ليتم قوله تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) الآية ٤٨ من سورة إبراهيم المارة، قال جبير ابن مطعم: قدمت المدينة لأكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أسارى بدر- أي بعد نزول هذه الآية بسنين كما ألمعنا إليه في الآية ١٧ من سورة السجدة المارة- فدفعت له وهو يصلي بأصحابه المغرب وصوته يخرج من المسجد، فسمعته يقرأ (والطور) إلى قوله (إن عذاب ربّك لواقع، ماله من دافع) فكأنما صدع قلبي حين سمعت، (ولم يكن أسلم يومئذ) فأسلمت خوفا من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مكاني حتى يقع بي العذاب. وهذا كقول عبد الله بن سلام حين سمع قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) الآية ٤٧ من سورة النساء ج ٣، قال والله يا رسول الله ما كدت لأن أرجع فأومن قبل أن يطمس الله وجهي إلخ، فأسلم وحسن إسلامه كما سيأتي في تفسير هذه الآية.

قال تعالى «فَوَيْلٌ» هلاك وعذاب شديد وهوان وبلاء كبير «يَوْمَئِذٍ» يوم وقوعه «لِلْمُكَذِّبِينَ» ١١ بالله ورسوله وكتابه واليوم الآخر «الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ» ١٢ لاهون

<<  <  ج: ص:  >  >>