للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرابات البعيدة «بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» وحكمه من الميراث وغيره إذا كانوا على دين واحد ودار واحدة، وإلا لا توارث بينهم كما مر آنفا «إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥) » لا يعزب عن علمه شيء، وقد تمسك أبو حنيفة رضي الله عنه في هذه الآية في أحكام توريث ذوي الأرحام، وقال الشافعي

رضي الله عنه إن هذه الآية مقيدة لآية النساء المفصلة للإرث. وسنأتي على ما يتعلق في الآيتين ١١٧ وما بعدهما منها على هذا إن شاء الله. وإن معنى كتاب الله هو حكمه الذي بينه فيها، ولقائل أن يقول كيف تصح الإشارة إلى آية هي متأخرة عنها؟

فيقال انتصارا للإمام الشافعي الموجه إليه هذا الاعتراض وهو من عرفت، إنما صحت الإشارة إليه لا بالنسبة لترتيب نزول القرآن، بل بالنظر لترتيب القرآن الموجود في المصاحف الموافق لما هو في علم الله ولوحه، ومناسبة هذه السورة لما قبلها بحسب النزول ظاهر، لأن الذين يشملهم قوله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) إلخ، منهم الذين سألوا حضرة الرسول عن تقسيم الأنفال وحلتها وحرمتها، كما أن مناسبتها لما بعدها صريح، لأن الذي وفق هؤلاء المؤمنين للتعاون والتناصر والتآخي بينهم هو الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم المصدرة به السورة التي بعدها، وهكذا إذا دققت وجدت بين كل سورة وما بعدها وما قبلها مناسبة. هذا والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

[تفسير سورة آل عمران عدد ٣ و ٨٩ و ٣]

نزلت في المدينة بعد سورة الأنفال وهي مئتان وثلاثة آلاف آية، وأربعمائة وثمانون كلمة، وأربعة عشر ألفا وخمسمائة وعشرون حرفا. لا نظير لها في عدد الآي. ونظائرها فيما بدئت به تقدم بيانها في سورة الأعراف.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى «الم (١) » «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) » ٢ سم مبالغة بمعنى القائم بالقسط والقائم على كل نفس بما كسبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>