للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى وجه فصل الخصومات فتحا تشبيها لما حكم فيه بأمر مغلق كما يشبه بأمر متعقد في قولهم حلال المشكلات، قال تعالى «قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ» بربي الواحد الأحد «شُرَكاءَ» من أوثانكم هل تقدر أن تخلق أو ترزق أو تنفع أو تضر؟ قل لهم يا حبيبي «كَلَّا» لا تفعل شيئا من ذلك لأنها مفتقرة إلى من يصلحها ويحفظها من التعدي، وإذا كانت كذلك فكيف تصلح أن تكون آلهة، وكيف يليق بكم أن تعبدوها «بَلْ» القادر على فعل ذلك كله والمستحق للعبادة «هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ» الغالب على كل شيء «الْحَكِيمُ ٢٧» فيما يفعله ويدبره «وَما أَرْسَلْناكَ» يا سيد الرسول لهؤلاء الكفرة خاصة «إِلَّا كَافَّةً» أي رسالة عامة «لِلنَّاسِ» أجمعين على اختلاف مللهم ونحلهم وألوانهم ولغتهم فكن لمن أطاعك منهم «بَشِيراً وَنَذِيراً» لمن عصاك «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ٢٨» عموم رسالتك لمن على وجه الأرض عربهم وعجمهم فيحملهم جهلهم بذلك على مخالفتك فعرفهم هذا وعظهم ودارهم وتلطف بهم ليؤمن مؤمنهم ويصر كافرهم. وهذا من قبيل تقديم المعذرة لأن من هو في علمه كافر لا ينفعه النصح ومن هو في أزله مؤمن لا تستهويه الضلال.

مطلب عموم رسالته صلّى الله عليه وسلم ومجادلة الكفرة فيما بينهم:

وهذه الآية تدل صراحة على عموم رسالة محمد صلّى الله عليه وسلم لعامة الخلق راجع الآية ١٥٨ من سورة الأعراف في ج ١ فيما يتعلق في هذا البحث. روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل (وأهل الكتاب لا تصح صلاتهم إلا في كنائسهم) ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة (أي العامة وإلا فكل نبي يشفع بأمته وأهل الخير يشفعون بمن يأذن الله لهم من خلقه خاصة) ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة، أي بداية ونهاية بخلاف رسالة سيدنا نوح راجع الآية ٧٤ من سورة يونس المارة تجد أولها خاصة وآخرها عامة، وكان من الأنبياء من يرسل إلى أهل بلده خاصة ومنهم من يرسل إلى أهله فقط

<<  <  ج: ص:  >  >>