العصيان بمقابلة العمل بالأركان، وعليه البيت قابل ما أحسن بقوله وأقبح، والدّين بالكفر والدّنيا بالإفلاس، لأن علم البديع كغيره من العلوم التي أخذت من القرآن العظيم فهو أصل لجميعها وهي فرع عنه قال تعالى «أُولئِكَ» الّذين حبب إليهم الإيمان فأحبوه وتمسكوا به فتغلغل في قلوبهم «هُمُ الرَّاشِدُونَ»(٧) المهتدون إلى الأعمال الحسنة والأخلاق الكريمة الّذين يطيعون أوامر الله ورسوله ولا يقفون أمام أمره كخالد بن الوليد رضي الله عنه إذا تلقى أمر الرّسول برحابة صدره وذهب إلى القوم فوجدهم على غير ما عزي لهم فحقن الله دماهم وصان أصحاب الرسول من الوقيعة في إثم قتالهم لأنهم راسخون على إيمانهم وأن خروجهم لم يكن كما زعم الوليد بل احتراما لرسول الله الذي أرسله إليهم وتكريما له فكان تحبب الإيمان الذي منه التأني والتروي في الأمور وتكريه الكفر الذي فيه العجلة والمسارعة «فَضْلًا مِنَ اللَّهِ» لكم أيها المؤمنون «وَنِعْمَةً» عليكم زائدة على نعمه في تحسين أخلاقكم وتهذيب آدابكم وخيرا كثيرا وأدبا كريما «وَاللَّهُ عَلِيمٌ» بما بينهما من التفاضل العظيم «حَكِيمٌ»(٨) فيما يفعل من تفضيل أناس على آخرين كما هو حكيم في جميع أفعاله وفي جملة تأديب الله تعالى نفوس عباده وتهذيبها قوله جل قوله «وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» جمع الضّمير باعتبار معنى الطائفتين على حد قوله تعالى (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) الآية ٤١ من سورة النمل ج ١ ولبحثها صلة في الآية ٢٦ من سورة النّور المارة وما ترشدك اليه من المواضع.
مطلب في الصّلح ومراعاة العدل بين الطّرفين من قبل المصلحين والسّخرية والظّن والتجسس والغيبة والشّعوب وتفرعاتها:
ثم أمرهم جل أمره بما هو من شأن المؤمن وحق المسلم على المسلم بقوله «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما» أيها المؤمنون لأنّ في قتالهما نقصا من عددكم وإثارة لغرس العداوة فيكم والبغضاء التي يتوارثها الأبناء عن الآباء بينكم «فَإِنْ بَغَتْ» تعدت واستطالت «إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى» فلم تنتصح ولم تقبل الصّلح وأصرت على بغيها ومواصلة عداوتها «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» يا أيها الحكام وأديموا مقاتلتكم