يقولون، بل هو مثبت عند الله «فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ» ٧٨ محفوظ مصون «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» ٧٩ الملائكة المقربون والسفرة الكرام البررة. ولا هنا نافيه والضمير يعود للأقرب وهو الكتاب أي اللوح المحفوظ، فلو أريد عوده للبعيد وهو
القرآن لقال المتطهرون أو المطهرون بتشديد الطاء والهاء، وعلى قول من أعاد الضمير للقرآن وهو ضعيف جدا فيراد منه الإنسان أي لا يمسه منهم إلا المتطهرون، والصواب الأول وعليه المعول، وبه قال أكثر المفسرين والعارفين.
[مطلب مس المصحف والحديث المرسل والموصول:]
وأما المنع من مس المصحف لغير المتطهر فقد ثبت بالحديث الآتي لا بنص هذه الآية، وعليه يشمل أهل الدنيا فلا يمسه منهم إلا المتطهرون المتوضئون بالطهارة الحيّة، وعليه فتكون (لا) هنا بمعنى النهي (الحكم الشرعي) المنع من مسه أو مس حرف منه لغير المتوضئ، ويحرم على المحدث أن يمسه بدون غلاف، ولا بأس بمس غير المكتوب منه، وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز حمله لغير المتوضئ ولو كان بغلاف ولا يجوز مس شيء منه سواء كان فيه كتابة أم لا. روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن عمر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهرين أخرجه مالك مرسلا- المرسل أحد أقسام الحديث وهو ما سقط منه الصحابي بعد ذكر التابعي وهو من قسم المقبول، وقد احتج به مالك وأبو حنيفة، وهو موصولا، والموصول ما اتصل سنده بحضرة الرسول بغير انقطاع وهو صالح للاحتجاج به بلا خلاف- وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بهذا والصحيح فيه الإرسال أيضا، وروى الدارقطني بسنده عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن إلا طاهر. والمراد بالقرآن المصحف سماه قرآنا على قرب الجوار والاتساع، كما روى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو كما أشرنا إليه، في المقدمة وأراد به المصحف، اما المحفوظ بالصدر فلا لأن القصد حفظه عن الامتهان بسبب. لمس غير