صادق على الأمر الواحد كالناطق والإنسان، أما على الاتحاد المفهوم وهو المختلف فيه عند أهل الأصول والحديث فلا، وإنما خصهم بالإيمان أولا لأنه أهم من الإسلام إذ لا يكون مؤمن إلا وهو مسلم، لأن الإسلام أعم من الإيمان، وإطلاق العام على الخاص لا مانع منه، وقد يكون مسلما لا مؤمنا، قال تعالى (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) الآية ١٤ من سورة الحجرات ج ٣، لأن الإسلام مطلق الانقياد بخلاف الإيمان، تدبر. وسيأتي تمام هذا البحث في تفسير الآية المذكورة آنفا «وَتَرَكْنا فِيها آيَةً» علامة من آثارهم ظاهرة «لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ» ٣٧ ليستدل بها على تدميرهم وإهلاكهم من يأتي بعدهم، فيمتنعون عما يوجب إيقاع مثله فيهم، قال تعالى «وَفِي مُوسى» تركنا في أراضي القبط الذين كذبوه آية أيضا ليعتبر من خلفهم بهم فيرتدعوا عن معاصي الله «إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ» ملك مصر «بِسُلْطانٍ مُبِينٍ» ٣٨ برهان ظاهر وحجة قاطعة ودليل ساطع كاليد والعصا والآيات المبينة في الآية ١٣٠ من سورة الأعراف في ج ١، «فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ» أعرض الخبيث عنه بجنبه وهو أشد من الإعراض بالوجه وأكثر احتقارا وأعظم أنفة واستكبارا عنه، أو مع ركنه الذي يتقوى به من ملائه ووزرائه وجنوده، والأول أولى «وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ» ٣٩ فلا نطيعه ولا نركن إليه، وبعد أن أظهر لهم جميع تلك الآيات وقابلوه بالإصرار على الكفرَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ»
هو وقومهَ هُوَ مُلِيمٌ»
٤٠ حالة إتيانه بما يلام عليه من الكفر والعناد، راجع تفصيل هذه القصة في الآية ٦٣ من الشعراء في ج ١،
قال تعالى «وَفِي عادٍ» تركنا أيضا أثارا وعبرا لما كذبوا نبيهم هودا عليه السلام «إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ» ٤١ التي لا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا ولا خير فيها ولا بركة إذ هي المستأصلة المهلكة لجميع من أرسلت عليهم دون أن تترك منهم أحدا، قال تعالى في وصفها «ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» ٤١ القش المكسر البالي المفتت وهو كل يابس دريس من نبات الأرض، راجع قصتهم في الآية ٧٢ من سورة الأعراف المذكورة وفي الآية ٥٨ من سورة هود المارة، «وَفِي ثَمُودَ» تركنا