المجوس فإن فيه فساد الأبدان أو مضرة أخرى علمها الشارع، أو مضرة واضحة كالسّم والخمر فإن في الأول هلاك النفس، وفي الثاني ذهاب العقل، تدبر.
قال تعالى «وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ» أيحسبون أن الله لا يعلم حالهم، أم يظنون أنهم يعافون من عقابه، أم أن الله يغفل عن افترائهم، كلا، بل يعلم ولا يغفل، وإن شاء يعاقبهم عليه عقابا شديدا في الآخرة، إذ يجازى فيها كلا بما عمل. وفي هذا الاستفهام توبيخ كبير، وتقريع خطير، ووعيد عظيم لجميع أصناف المخالفين أوامر الله الكذب فما دونه بالنظر لإبهامه «إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ» عميم «عَلَى النَّاسِ» بتأخير عقوبتهم وإمهالهم ليرجعوا إليه، وقد أنزل عليهم الكتب وأرسل إليهم الرسل وركب فيهم العقل ليميّزوا الخبيث من الطيب، والحرام من الحلال، والحق من الباطل فيتبعوا الأحسن، ولو عاجلهم بالعقوبة لاحتجوا عليه كأهل الفترة والصغير والمجنون والمريض والفقير والملك المار ذكرهم في الآية الأخيرة من سورة طه، والآية ١٥ من سورة الإسراء المارتين في ج ١، «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ٦٠» نعم الله المتوالية عليهم ولا يقدرونها قدرها ولا يستهدون يهدي الله ولا يسترشدون بإرشاد رسله ولا يتبعون ما أنزل إليهم من الحق،
قال تعالى «وَما تَكُونُ» يا أكرم الرسل «فِي شَأْنٍ» حال وأمر ومطلق خطب. واعلم أن لفظ الشأن لا يأتي إلا فيما له خطر مما يعظم من الأمور «وَما تَتْلُوا مِنْهُ» من ذلك الشأن، لأن تلاوته معظم شؤونه صلى الله عليه وسلم، وعود الضمير إلى الشأن أولى من عوده إلى القرآن لاحتياج تأويل «مِنْ قُرْآنٍ» بمعنى سورة، لأن كل جزء منه قرآن، والإضمار قبل الذكر يكون تفخيما للمضر وهو كما ترى، وقيل إنه يعود إلى التنزيل غير المذكور، وعليه يكون المعنى وما تتلوء من التنزيل «وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ»
أيها الناس قليلا كان أو كثيرا، جليلا أو حقيرا «إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً» نراه ونثبته ونحصيه عليكم في صحائفكم، لأنا رقباء عليكم. وقيل إن الخطابين الأولين في قوله تعالى (وَما تَكُونُ)(وَما تَتْلُوا) له صلى الله عليه وسلم ولأمته عامة، لأن العادة إذا خوطب رئيس القوم بشيء كان قومه داخلا فيه لانصرافه إليهم بالتبعية، والأول